![]() |
د. بسام أبو عليان أستاذ مساعد بقسم علم الاجتماع - جامعة الأقصى |
في الفترة الأخيرة لا يكاد يمر يوم إلا وتسمع أو تقرأ خبرًا أو أكثر عن جريمة ترتكب إما في الداخل المحتل سنة 1948م، أو قطاع غزة، أو الضفة الغربية. كل جريمة أبشع وأفظع من التي قبلها. حين تقرأ تفاصيلها تجد مرتكبها مجرد من كل القيم الإنسانية، والأخلاقية، والدينية فباتت هذه الجرائم تشكل أرقًا، وهاجسًا للناس، فضلًا عن أهل الاختصاص.
باختصار،
وبدون إطالة، أرى ارتفاع معدلات الجريمة في المجتمع الفلسطيني يرجع إلى واحد أو أكثر من الأسباب
الآتية:
- ممارسة الظلم سواء من قبل أفراد أو
جماعات بدرجاته المختلفة تجاه الآخرين، بشتى الوسائل والإمكانيات المتوفرة، الذي
ابتلع حقوق الآخرين دون أي رقابة ذاتية، أو خشية من إله، أو أي اعتبارات رادعة
أخرى.
- ضعف الوازع الديني، وغلبة النزعة
المادية والأنانية.
- التأثير الواضح لوسائل الإعلام
المختلفة سواء أفلام الجريمة والعنف التي تبثها الفضائيات، أو مقاطع العنف المنشورة
على مواقع التواصل الاجتماعي، قد عززت سلوك الجريمة لدى متابعيها ومشاهديها، فأغلب
الجرائم المرتكبة في المجتمع هي محاكاة وتقليدًا لما يبث في الإعلام.
- ضعف سلطة الضبط الاجتماعي غير الرسمي، ممثلًا في لجان الإصلاح العشائري. ما عاد لهذه السلطة قوتها، وحزمها، واحترامها،
وهيبتها في المجتمع. إضافة لذلك، في أحيان كثيرة تجد موقفها مائعًا في حل المشكلات
التي تعرض عليها، وتميل إلى صف الظالم على حساب المظلوم، وتضغط على المظلوم لقبول
الحل، بدعوى حل المشكلة بالترضية، بدلًا من ردع الظالم، واسترداد الحقوق.
- ضعف سلطة الضبط الاجتماعي الرسمي
ممثلًا في الشرطة، والنيابة، والمحاكم فهي ليست على درجة عالية من الحزم المطلوب
في تطبيق القانون؛ لاعتبارات متعددة، منها: تدخل جهات متنفذة في تعطيل القانون،
الخلط بين العمل الحكومي الرسمي والعمل الحزبي، الواسطة والمحسوبية، الانتقائية في
تطبيق القانون.
- التلكؤ والانتقائية في تطبيق القوانين
الرادعة ساهم في تعزيز نزعة الثأر والانتقام بدافع التعصب العائلي، أو القبلي.
- رفاق السوء.
- تعاطي المخدرات بكل مشتقاتها.
- ارتفاع معدلات البطالة، لاسيما في
صفوف الشباب والخريجين.
- شهوة الحصول على المال بطرق غير مشروعة.
هذه الجريمة صارت حديث الناس في الفترة الأخيرة في كل مكان (وسائل المواصلات، الجلسات العائلية،
جلسات الشباب، صالونات الحلاقة، وغيرها). في المقابل لم توجد إجراءات رادعة حازمة
من جهات الاختصاص لأولئك اللصوص.
- تصدير الخلافات والمشكلات الأسرية إلى
خارج الأسرة، والمحيط الاجتماعي.
- استغلال بعض عناصر المقاومة الطائشين وغير المنضبطين سلاح المقاومة في وجهة غير وجهتها الحقيقية.
الإجراءات المقترحة للحد من الجريمة في المجتمع:
- الحزم في تطبيق القانون على الجميع
بدون أي اعتبارات سياسية، أو اجتماعية، أو اقتصادية.
- تفعيل دور الوعاظ، والخطباء للحديث عن
الجريمة ببيان خطرها وأضرارها على السلم الاجتماعي بأسلوب وعظي رصين، وتأصيل شرعي
متين، وليس بالصراخ والنهيق الذي يلوث أسماعنا كل جمعة، وفي كل درس.
- تفعيل دور وسائل الإعلام المختلفة
ببيان خطر الجريمة وأضرارها على السلم والأمن الاجتماعي، بعرض المشكلة من جوانبها
المختلفة مع أهل الاختصاص من علماء الاجتماع، والنفس، والتربية، والقانون،
والشريعة، وغيرهم، والحد من عرض مسلسلات وافلام الجريمة على الأقل في القنوات المحلية،
رغم عالم الفضاءات المفتوحة.
- مراقبة جهات الاختصاص للمحتوى
الإعلامي، وملاحقة من يروجون للجريمة.
- إعادة الاعتبار للجان الصلح العشائري
باستعادة دورها المجتمعي الهام في محاسبة المجرمين.
- مزيدًا من الحزم والضبط من جانب جهات
الضبط الاجتماعي الرسمي في ملاحقة المجرمين، وتنفيذ الأحكام بحقهم.
- تنفيذ الأحكام الرادعة في الساحات
العامة وعلى رؤوس الأشهاد؛ لتكون رادعًا لكل من تسول له نفسه بارتكاب جريمة والاعتداء على حقوق الغير؛ ليعلم أن مصيره سيكون كمصير هذا المعاقب في الساحات
العامة على الملأ. وتفعيل الأحكام الشرعية في (الجلد، والرجم، والقطع، والقصاص)،
فهي ذات ردع أقوى من السجن. السجن ليس دائمًا تهذيب وإصلاح، ربما أحدهم يُسجَن
مجرمًا صغيرًا، فيخرج متشربًا الجريمة على أصولها من أساتذة الإجرام في السجن!.
ولو كان السجن رادعًا حقًا لما عاد كثير من المجرمين الذين أفرج عنهم لممارسة
الجريمة ثانية.
- الحد من معدلات البطالة لاسيما في
صفوف الخريجين وفق خطط علمية وتنموية ممنهجة، وليس وفق سياسة الترقيع، وإبر
التخدير، بوظيفة مؤقتة مدتها أشهر معدودة!.
- ملاحظة اللصوص والمجرمين في المجال
الإلكتروني الذين انتشروا في المجتمع انتشار النار في الهشيم، الذين يريدون الغنى والثراء في وقت قصير.
- محاسبة فصائل المقاومة كل عنصر من عناصرها يوظف سلاح المقاومة في مشاكل شخصية وعائلية، ويستخدمه خارج السياق المحدد له، ولا تكتفي بتحذيره فقط، أو بعقوبة مادية مخففة، بل تنزل به العقوبة المغلظة والمشددة، وترفع عنه الغطاء التنظيمي؛ ليكون عبرة لغيره من المنفلتين من جهة، ولأنه دنس هذا السلاح بالدم الفلسطيني المحرم سفكه من جهة ثانية، وليأخذ القانون مجراه من جهة ثالثة.
موقع مميز وكتابات واضحة اشكر الدكتور بسام ابو عليان وجزاه الله خيرا استفدت من اسلوبه وكتاباته في شغلي وفقه الله وسعدت بالقراءة في موقعه ومكتبته
ردحذفدكتور محمود علي أيوب
دكتوراه علم الاجتماع ومدرب معتمد في المجالات النفسية والاجتماعية
شمال سيناء مصر 00201014001883