د. بسام أبو عليان أستاذ مساعد بقسم علم الاجتماع - جامعة الأقصى |
الوليمة: هي طعام يدعى إليه الناس؛ لمناسبة اجتماعية كالزواج، أو عودة مغترب، أو شفاء من مرض خطير، وغيرها.
التغير سنة من سنن الله تعالى في الكون، وحتمية كونية، والتغير الاجتماعي طال كل شيء في المجتمع. قد يكون إلى الأحسن أو إلى الأسوأ. مما طاله التغير في المجتمع الفلسطيني "عادات الوليمة". بدون شك تغير إلى الأسوأ، وليس إلى الأحسن. إليك الدليل:
في السابق:
- كان يُعلَن عن الوليمة أكثر من مرة. أولًا: دعوة عامة في ديوان العائلة، أو مسجد الحي. ثانيًا: دعوة خاصة؛ للتشديد على الحضور.
- كان يدعى إلى الوليمة عامة الناس دون تمييز اجتماعي (أقارب، جيران، أصحاب، معارف، عابر سبيل).
- كان يدعى إلى الوليمة عامة الناس دون اعتبارات مادية، وطبقية. بل يتم التشديد والتأكيد على حضور الوليمة ذوي الوضع الاقتصادي المتدني، والفقراء؛ علهم ينالوا من اللحم وطيِّب الطعام ما حرموا منه فترات طويلة.
- استجابة الناس لدعوة الوليمة، ليس لأنهم
جياع، وفقراء، وليس استغلالًا، إنما يحمل أحد وجهين. الوجه الأول: المشاركة
والمساندة الاجتماعية، كل من دعي إلى الوليمة تلمس في كلامه ومشاعره الصدق،
والفرحة الحقيقية، التي نفتقر لها اليوم في كثير من مجالات حياتنا. الوجه الآخر:
وجه ديني، وعملًا بحديث رسول الله ﷺ: "إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إلى وَلِيمَةِ عُرْسٍ، فَلْيُجِبْ"
(صحيح مسلم: 1429).
أما الوليمة اليوم:
- تدخل في باب المظاهر البراقة والمبهرجة، والنفاق الاجتماعي، أو الواجب الاجتماعي الثقيل على النفس.
- يدعى إلى الوليمة الخاصة، ويحرم منها العامة.
- ربما يدعى إلى الوليمة الصديق البعيد مكانًا وسكنًا، وزملاء العمل، ويحرم منها الشقيق، والقريب، والجار.
- يدعى إلى الوليمة الأغنياء، وأصحاب الوجاهة الاجتماعية، ويحرم منها الفقراء.
- كل من يدعى إلى الوليمة تلمس في كلامه المشاعر الخداعة، والمجاملات الباهتة التي لا تتجاوز الحلق، والابتسامات المصطنعة، والفرحة الزائفة.
وعليه، ليس دائمًا كل تغير يحصل في
مجتمعنا هو الأفضل والأحسن. كثير من عاداتنا وتقاليدنا وقيمنا الاجتماعية التي
ورثناها عن أجدادنا وآبائنا فيها الكرم، والأصالة، والأخلاق الحسنة، والقيم
والمُثَل العليا، لمَّا طالها التغير تغيرت معها نفوسنا، وعلاقاتنا، وأخلاقنا. في
هذه الحالة رجعية عاداتنا وتقاليدنا أجدادنا وآبائنا أفضل بكثير من حداثة العادات
المستوردة.
تعليقات
إرسال تعليق