التخطي إلى المحتوى الرئيسي

مناهج البحث الاجتماعي| مشكلة البحث ج2

 

د. بسام أبو عليان
أستاذ مساعد بقسم علم الاجتماع والخدمة الاجتماعية
جامعة الأقصى

مصادر مشكلات البحث الاجتماعي:

 المشكلات الاجتماعية تحيط بنا من كل جانب، فهي موجودة في أي مكان نوجد فيه، إلا أنها ليست على درجة واحدة، فهناك مشكلات أشبعت بحثًا، وتحليلًا، ونقدًا، مثل: (الطلاق، والتسول، والعنف الأسري). وهناك طائفة ثانية من المشكلات لازالت محط خلاف بين الباحثين ولم تحظَ بالإجماع، وطائفة ثالثة من المشكلات جديدة على المجتمع لم تأخذ حظها في البحث والتحليل. رغم ذلك توجد عدة تصنيفات حددت مصادر مشكلات البحث الاجتماعي.

v    الفريق الأول: صنف مصادر المشكلات الاجتماعية لثلاثة مصادر رئيسية، هي:

‌أ.   مشكلات سياسية: تعنى بمشكلات الحياة اليومية، مثل: الانتخابات، والرأي العام، واتجاهات الناس حول القضايا السياسية... إلخ.

‌ب.  مشكلات فلسفية واجتماعية: تتناول قضايا يطرحها الفلاسفة، والمفكرون، ورجال الصحافة والفن.

‌ج.    مشكلات التنمية.

v    الفريق الثاني: صنف مصادر المشكلات الاجتماعية لأربعة مصادر، هي:

‌أ.       المشكلات الاجتماعية.

‌ب.  النظم الاجتماعية.

‌ج.    المجتمعات المحلية.

‌د.      النظرية الاجتماعية.

v    الفريق الثالث: صنف مصادر المشكلات الاجتماعية إلى:

‌أ.       الخبرات الفردية والتخمينات.

‌ب.  قيم الباحث، واتجاهاته، وميوله.

‌ج.    المحادثات الشخصية، وتبادل وجهات النظر.

‌د.      التراث المكتوب.

‌ه.   نتائج البحوث.

‌و.     النظريات.

v    علي عبد الرازق صنف المصادر إلى:

‌أ.       مصادر ذاتية: تتكون من خبرة الباحث العلمية والذاتية، واتجاهاته، وقدرته على الحدس والتخمين.

‌ب.  مصادر موضوعية: تتكون من الكتابات التاريخية، والأدبية، والفلسفية، والفنية، نتائج البحوث السابقة.

سنتوقف عند التقسيم الأخير بشيء من التفصيل:

أولًا: المصادر الذاتية:

1)    خبرة الباحث العلمية والذاتية: تعتبر من المصادر المهمة التي تميز الباحث عن غيره من الباحثين، وتعرفه أكثر بمشكلات المجتمع، فكلما زاد احتكاكه بالباحثين، وزادت مشاركاته في حلقات النقاش، والأيام العلمية، والمؤتمرات وفرت له تربة أخصب؛ للتعرف أكثر على مشكلات المجتمع.

2)  الميول والاتجاهات الشخصية: بناءً على خبرات الباحث تنمو اهتماماته حول موضوعات بعينها، فتساعده على تحديد المشكلات التي تصلح للبحث، كاهتمامه بالمجال الأسري، أو المدرسي، أو السياسي، أو الديني، أو التكنولوجي، أو الاقتصادي... إلخ.

3)  القدرة على الحدس والتخمين: يساعد الباحث في صياغة الأهداف، والفروض، التي هي حلول مقترحة للمشكلة، لكنها بحاجة إلى تجربة؛ للتأكد من صحتها أو بطلانها.

ثانيًا: المصادر الموضوعية:

1)  الكتابات التاريخية، والأدبية، والفنية: يمكن للباحث الاستعانة بها في اختيار مشكلة البحث، فهي تتضمن وصف لمشكلات اجتماعية تصلح للبحث.

2)  نتائج البحوث السابقة: يوجد تراث ضخم من الدراسات، والأبحاث، والمقالات العلمية التي تناولت عن العديد المشكلات الاجتماعية، فهي تساعد الباحث في تحديد مشكلة البحث.

الموضوعات التي تهم الباحث الاجتماعي:

1.  موضوعات تدور حول المشكلات الاجتماعية اليومية: مثل: الطلاق، والعنف الأسري، والقتل، والتسول، والفقر، والبطالة، وعمالة الأطفال، وتعاطي المخدرات، والاغتصاب، والزنا، والتحرش الجنسي... إلخ.

2.  موضوعات تتعلق بالفلسفة الاجتماعية: مثل: دراسة تاريخ مجتمع ما البدوي أو الريفي أو الحضري، أو دراسة شريحة اجتماعية كالفئات المهمشة... إلخ.

3.    موضوعات تتعلق بالبناء الاجتماعي: مثل: الطبقة الاجتماعية، والبناء الاجتماعي للمجتمع البدوي، أو المجتمع الريفي، أو المجتمع الحضري... إلخ.

4.  موضوعات تتعلق بالنظم الاجتماعية، مثل النظام الأسري من موضوعاته: (الزواج، والطلاق، والتنشئة الاجتماعية، والزواج المبكر، والعنوسة... إلخ). النظام السياسي من موضوعاته: (الصفوة، والقوة السياسية، والانتخابات، والديمقراطية، والرأي العام، والانقلابات العسكرية... إلخ).

5.    دراسات تهتم بالدين والعادات والتقاليد. كالمقارنة بين الأديان، أو دراسة الطقوس والشعائر التعبدية... إلخ.

6.    دراسات تهتم بالجانب الصراعي، كالحروب الأهلية والصراعات القبلية والإثنية.

مراحل تطور المشكلات الاجتماعية:

اتفقت معظم النظريات على أن المشكلة الاجتماعية تمر في ثلاث مراحل رئيسية، وهي:

1.    تعريف المشكلة.

2.    ظهور مواقف متباينة من المشكلة بين مؤيد ومعارض.

3.  مرحلة الاختفاء، أي النظم الاجتماعية تسخِّر جهدها للتخلص من المشكلة أو التخفيف منها، مثل: تعاون النظام الاقتصادي، والأسري، والديني، والإعلامي للتخفيف من ظاهرة غلاء المهور، أو عزوف الشباب عن الزواج.

الاعتبارات التي تحدد خصائص المشكلات الاجتماعية:

1.  ابتكار أساليب جديدة في عرض المشكلة؛ حتى تظهر للناس كأنها مشكلة جديدة. مثلًا: "التسول" بدلًا من الحديث عنه بصورة تقليدية، يكون على أبواب المساجد وفي الأسواق، يمكن الحديث عن شكل جديد للتسول، وهو: تستر المتسول خلف بيع بعض السلع الخفيفة، مثل: (البسكويت، والفاين، واللبان) عند إشارات المرور ومواقف السيارات، التي يغلب عليها نبرة الاستجداء والإلحاح الشديد، أو التسول على مواقع الإنترنت. أو بيان دور مواقع التواصل الاجتماعي في تعزيز مشكلة الطلاق الروحي بين الأزواج، بدلًا من الحديث عن الطلاق بشكله التقليدي النمطي.

2.  تكرار الحديث عن المشكلة الاجتماعية وربطها بمواقف، أو رموز، أو ظروف خاصة. مثلًا: ربط التسرب الدراسي بإفراط المعلمين في استخدام العقاب الجسدي، أو صعوبة المناهج الدراسية. أو ربط حرمان المرأة من الميراث بتسلط الذكور، أو ربط ارتفاع معدلات البطالة في غزة بالحصار الصهيوني.

3.  حساسية موضوع مشكلة البحث، كالحديث عن الزواج المثلي، والبغاء في مجتمع محافظ، أو الحديث عن التعددية الحزبية في مجتمع يقوم على الحزب الواحد، او الحديث عن الحراك الاجتماعي في مجتمع منغلق طبقيًا، لا يسمح بالحراك الاجتماعي.

4.  تنوع الأساليب المستخدمة للتعبير عن المشكلة، قد يطرح الموضوع في بحث ميداني، أو دراسة نظرية، أو مقالات صحفية، أو من خلال المسلسلات والأفلام، أو القصص والروايات والشِّعر، أو الشعارات... إلخ.

كيف أختار مشكلة البحث؟:

الباحث هو المسؤول الأول عن بحثه، بالتالي يقع عليه مسؤولية اختيار مشكلة البحث؛ لأنه هو الذي سيبحث، وهو أدرى بوقته، وجهده، وماله، وقدراته. لذا عليه اختيار موضوع يتفق مع ظروفه؛ حتى يستطيع التعامل معه.

يُنصح الباحث اختيار أكثر من مشكلة، ثم يعرضها على أستاذه أو الجهة المشرفة عليه؛ حتى يتم الاتفاق على موضوع واحد.

اختيار مشكلة البحث مرتبط بالظروف الثقافية، والسياسية، والاقتصادية السائدة في المجتمع، حيث أن لكل حقبة زمنية مشكلاتها. مثلًا: في الأزمات الاقتصادية تنتشر مشكلات اجتماعية، مثل: (البطالة، والفقر، والتسول، والرشوة). في الرخاء الاقتصادي تظهر مشكلات اجتماعية، مثل: (الربا، والثراء الفاحش).

المشكلات التي تطفو على السطح ليست بالضرورة تعكس مشكلات المجتمع الحقيقية؛ لأن الظروف السياسية، والثقافية، والاقتصادية تلعب دورًا في إبراز مشكلات وإخفاء أخرى، ولا تسمح بدراستها أو الاقتراب منها؛ لأنها تمس رموز، وشخصيات، ومصالح عليا في المجتمع. هذه الحقيقة تلازم العلوم الاجتماعية في العالم الثالث. مثلًا: في المجتمعات النامية تفرض قيود صارمة على مناقشة موضوعات سياسية، مثل: (حرية الصحافة، والتعذيب والاختفاء في السجون، وانتهاك حقوق الإنسان، ونزاهة الانتخابات)، وإن نوقشت فبشكل سطحي بعيد عن التحليل الموضوعي الجاد، في حين يسمح بمناقشة موضوعات لا تشكل خطرًا على النظام السياسي، وتجد لها مكانًا في الخطاب السياسي والأيديولوجي السائد في المجتمع، مثل: (التعليم، وحقوق المرأة، وحقوق الطفل، ورعاية المعاقين، ورعاية المسنين).

العوامل المؤثرة في اختيار مشكلة البحث:

حتى يتأكد الباحث من سلامة موضوع بحثه يمكن عرض على العوامل الآتية:

1.    قابلية المشكلة للحل:

يجب أن يتأكد الباحث من أن المشكلة قابلة للحل؛ لأن هناك مشكلات غير قابلة للحل، مثل: القضايا الفلسفية.

2.    توفر المراجع والمعلومات الكافية:

الباحث المبتدئ يفتقر إلى كَم كبير من الحقائق والمعلومات المتوفرة لدى الباحثين الذين سبقوه في دراسة نفس الموضوع، لذلك عليه التثبت من وجود عدد كافٍ من المراجع اللازمة؛ لأنه في حال شح المراجع لن يتقدم بخطوات جادة في بحثه، وسيصل إلى طريق مسدود، لاسيما في البحوث النظرية. للخروج من هذا المأزق على الباحث القيام بزيارات استطلاعية للمكتبات؛ للتأكد من توفر المراجع والمصادر المطلوبة، والمجلات والمقالات العلمية التي يمكن الاعتماد عليها في البحث.

3.    مدى أهمية مشكلة البحث:

مجرد وجود مشكلة لا يكفي أن تكون موضوعًا للبحث، بل يجب التأكد من أن المشكلة المختارَة تحظى باهتمام الباحث، وتوافق ميوله العلمية، ومعرفة مدى أهميتها لمجتمعه أو لشريحة معينة؟، وهل يسعى البحث لإيجاد حل لقضية خلافية؟.

4.    إمكانية تناول مشكلة البحث دون حرج:

توجد اعتبارات اجتماعية، أو ثقافية، أو أخلاقية، أو سياسية تمنع تناول بعض الموضوعات بصورة علمية؛ كونها تعتبر من المحرمات الاجتماعية التي لا يجوز الاقتراب منها، فأي محاولة للاقتراب منها، ورفع الستار عنها لمعالجتها تثير حساسية الجمهور، مثل: التحرش الجنسي، والاغتصاب، والزواج المثلي.

5.    اهتمام الباحث بمشكلة البحث:

من المهم أن يشعر الباحث بأن مشكلة البحث تستحوذ على اهتمامه، وتشغل فكره، وتحفزه على العمل، وأنها ليست ثقيلة على النفس وبعيدة عن اهتمامه.

6.    قدرة الباحث على تنفيذ البحث:

توجد اعتبارات تحول دون إنجاز البحث في الوقت المحدد، مثل: الوقت، والتكلفة المادية. غالبًا يقيد الباحث بوقت محدد لإنجاز بحثه، فإذا تناول مشكلة كبيرة، فإنه لا يستطيع انجاز بحثه في الوقت المحدد. لذلك يستحسن اختيار موضوع يستطيع الإحاطة به وإنجازه في الوقت المحدد. بالنسبة للتكلفة المادية، عادة تكون إمكانيات الباحث المستقل محدودة، للخروج من هذا الإشكال يتطلب اختيار موضوع لا يرهق ميزانيته باحتياجه إلى السفر، أو شراء مراجع غالية الثمن، أو الحاجة لعقد مقابلات مع شخصيات غير موجودة في بلد الدراسة.

صياغة مشكلة البحث:

بعد أن يحدد الباحث مشكلة البحث، ويعرضها على العوامل الستة السابقة، يقوم بصياغتها بصورة دقيقة وواضحة تساعده على دراستها.

تصاغ على شكل سؤال رئيسي، ومنه وتتفرع أسئلة فرعية.

مثال: ما هي أسباب انتشار الطلاق في المجتمع الفلسطيني؟.

هذا سؤال رئيسي تتفرع منه الأسئلة الآتية:

v    هل توجد علاقة بين مستوى الاقتصادي للأسرة والطلاق؟

v    هل توجد علاقة بين اختلاف المستوى الثقافي والتعليمي للزوجين والطلاق؟

v    هل توجد علاقة بين اختلاف البيئة الاجتماعية للزوجين والطلاق؟

v    هل توجد علاقة بين العقم والطلاق؟

v    هل توجد علاقة بين الطلاق ومشكلات الحموات؟

v    ما هي المناطق التي ترتفع فيها معدلات الطلاق (الريف، الحضر، المخيم)؟

أخطاء شائعة عند صياغة أسئلة البحث:

1.  أسئلة إجابتها معروفة: هذه الأسئلة لا تصلح للبحث؛ لأن إجابتها معروفة سلفًا، ولا تفيد البحث العلمي. مثال: مما تتكون الأسرة؟، ما هي مراحل نمو الإنسان؟، ما هي حدود دولة فلسطين؟.

2.  أسئلة تبدأ بـ(هل): هذه الأسئلة إجابتها متوقعة (نعم.. لا، أدري.. لا أدري، أوافق.. لا أوافق... إلخ). مثل هذه الأسئلة لا تعطي تصورًا واضحًا عن المشكلة وأبعادها وأسبابها، مثال: هل يوجد فرق بين الريف والحضر؟، هل يعتبر الطلاق مشكلة اجتماعية؟.

3.  أسئلة مركبة: على الباحث تجنب الأسئلة المركبة، ويعمل على تجزئتها؛ فهي أدعى إلى تبسيط المشكلة، والإحاطة بها من كل الجوانب. مثال: هل تعمل؟، وإن كنت تعمل ما هو مجال عملك؟، وكم قيمة راتبك الشهري؟.

4.  أسئلة لا علاقة لها بمشكلة البحث: قد يسأل الباحث أسئلة لا علاقة لها بمشكلة البحث. مثال: ما العلاقة بين ارتفاع معدلات الطلاق وحالة الطقس؟.

شروط صياغة مشكلة البحث:

1.    أن يكون الباحث واثقًا من أن موضوع بحثه واضحًا وليس غامضًا.

2.  صياغة المشكلة في عبارات واضحة، ومختصرة، ولا تنطوي على تناقضات وأخطاء لغوية، ولا تشمل على كلمات حمالة معاني؛ فيجتهد كل قارئ في فهمها بمعنى غير الذي يقصده الباحث، بالتالي يوقعه في أخطاء. مثلًا: كلمة (ضرب) قد تأتي بمعنى العقاب[1]، أو السعي[2]، أو الوصف والبيان[3].

3.  تحديد النقاط الرئيسية والفرعية لمشكلة البحث، وأن تكون النقاط الفرعية لها ارتباط مباشر بالمشكلة الرئيسية، وينصح الباحث ألا يسرف فيها؛ لئلا تشتت جهده وتبعده عن الموضوع الرئيسي، فلا يستطيع لملمة خيوط موضوعه فيشتت جهده ووقته، ويفضل ألا تتجاوز خمس نقاط.

4.    بيان دوافع الباحث لاختيار الموضوع دون غيره.

5.    تحديد أهداف البحث في عبارات واضحة ومختصرة.

6.    تحديد مفاهيم البحث، ووضع تعريف إجرائي لكل مفهوم؛ حتى يوضح للقارئ ما يرمي إليه من استخدام هذا المفهوم.

7.  صياغة الفرضيات؛ للتأكد من صحتها بالبحث الميداني، فهي تساعد الباحث في تنظيم وترتيب أفكاره؛ لإيجاد حل لمشكلة البحث.

8.  يبين الباحث إن كانت مشكلة البحث جديدة لم يسبقه إليها أحد، أو درست من قبل ويريد إضافة شيء جديد، وما هي الدراسات التي سبقته؟، ويبين أوجه الاتفاق والاختلاف بينها.

9.  التعريف بالصعوبات التي يتوقعها الباحث أثناء البحث، مثل: (شح المصادر، اختيار العينة، قلة الدعم المالي، ضيق الوقت، السفر، عدم المبحوثين)، ويبين ما إذا كانت هناك محاذير اجتماعية أو سياسية قد تعيق البحث.

مثال(1): خطوات صياغة مشكلة البحث:

¨     العنف.

موضوع فضفاض، لم يوضح أي شكل من أشكال العنف يقصد، هل يقصد العنف السياسي، أو العنف الديني، أو العنف الطائفي، أو العنف الاقتصادي، أو العنف الأسري؟.

¨     العنف الأسري.

حدد إحدى صور العنف التي يرغب بدراستها. لكن، لازال الموضوع فضفاضًا. في أي مجتمع يريد إجراء الدراسة في المجتمع العربي أم في المجتمع الغربي؟.

¨     العنف الأسري في المجتمع العربي.

هنا حصر الموضوع قليلًا، إلا أنه لازال فضفاضًا، فالمجتمع العربي يتكون من اثنتي وعشرين دولة، ففي أي دولة يريد دراسة العنف الأسري في مصر، السعودية، الجزائر، فلسطين... إلخ.

¨     العنف الأسري في فلسطين.

هنا حصر الموضوع أكثر. لكن، المجتمع الفلسطيني كبير. هل يريد دراسة العنف الأسري في الضفة الغربية أم في قطاع غزة؟.

¨     العنف الأسري في قطاع غزة.

هنا الموضوع حصر أكثر، لكنه يعد كبيرًا على باحث مبتدئ أو مستقل فلا يستطيع إجراءه على قطاع غزة كاملًا بتشكيلاته الاجتماعية المختلفة، لابد أن يحدد إحدى محافظاته الخمس. 

¨     العنف الأسري في محافظة خانيونس.

هنا الموضوع حصر إلى حد كبير بأن اقتصر على محافظة واحدة، إلا أنه يحتاج لصياغة دقيقة، ما الذي يريد دراسته في موضوع العنف الأسري؟.

¨     العنف الأسري وعلاقته ببعض المتغيرات الاجتماعية.. دراسة ميدانية على محافظة خانيونس.

هنا بيّن أنه يريد دراسة العلاقة بين العنف الأسري وبعض المتغيرات الاجتماعية: (العمر، مكان الإقامة، المستوى التعليمي، الحالة الاقتصادية، حجم الأسرة).

مثال (2):

¨     الجريمة.

¨     جريمة القتل.

¨     جريمة القتل على قضايا الشرف.

¨     جريمة القتل على قضايا الشرف في المجتمع الفلسطيني.

¨     جريمة القتل على قضايا الشرف في محافظات قطاع غزة.

¨     جريمة القتل على قضايا الشرف في محافظة رفح.

أهمية البحث:

بعد اختيار مشكلة البحث ينتقل الباحث إلى خطوة أخرى، وهي: توضيح أهمية البحث التي تميز بحثه عن الأبحاث السابقة، حيث يكون الحديث عن أهميتين، هما:

v    الأهمية النظرية: تعني أن الدراسة ستثري الإطار النظري في مجال البحث.

v    الأهمية التطبيقية: تعني أن البحث سيفيد قضايا البحث في التخصص الدقيق.

إلا أنه يوجد بين الباحثين المبتدئين من يخلط بين أهداف البحث وأهمية البحث. يمكن توضيح الفرق بينهما باختصار.

v    هدف البحث: يشير إلى النتائج التي يطمح الباحث للوصول إليها.

v    أهمية البحث: توضح الفوائد المترتبة على نتائج البحث.

مثال: هدف البحث: معرفة الأسباب المدرسية للتسرب الدراسي. أهمية البحث: اتخاذ خطوات عملية من جانب إدارة المدرسة للحد من ظاهرة التسرب.



[1] قال تعالى: {وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا ۙ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ} [الأنفال:50].

[2] قال تعالى: {وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّـهِ} [المزمل:20].

[3] قال تعالى: {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ ۖ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} [العنكبوت:43].

المرجع| بسام محمد أبو عليان، مناهج البحث في علم الاجتماع، ط3، خانيونس، مكتبة الطالب الجامعي، 2022، ص41-44.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الممارسة المهنية في الخدمة الاجتماعية (1)| مهارة المقابلة

بسام أبو عليان محاضر بقسم علم الاجتماع ـ جامعة الأقصى مهـارة المقابلة تعريف المقابلة المهنية: "لقاء وجاهي مقصود يعقد بين الأخصائي الاجتماعي والعميل أو المشاركين الآخرين في عملية المساعدة بهدف جمع معلومات متعلقة بالمشكلة أو إعطاء معلومات بهدف التأثير على سلوك العميل وتغيير بيئته الاجتماعية، بهدف المساعدة في حل مشكلته أو التخفيف منها". تعد المقابلة أداة مهمة لجمع المعلومات، إذا أحسن الأخصائي الاجتماعي التصرف مع العملاء؛ لأن العملاء يميلون لتقديم معلومات شفهية أفضل من الكتابة. تأتي أهمية المقابلة مع الأميين والأطفال والمسنين أكثر من غيرهم. فإذا كان الأخصائي يتمتع بروح مرحة وقبول اجتماعي، ولباقة في الحديث، وذكاء في طرح الأسئلة فإنه يهيئ جواً ودياً مع العميل. بالتالي يحصل على معلومات مهمة عن المشكلة، وبإمكانه تشجيع العميل على الحديث من خلال الإيماءات وتعبيرات الوجه ولغة الجسد عموماً. عناصر المقابلة: 1)       العلاقة الاجتماعية: لا يمكن عقد المقابلة بدون وجود طرفيها معاً (الأخصائي الاجتماعي، والعميل). هذه العلاقة تحكمها العديد من المعايير المهنية. أدناها: (الترحيب بال

علم الاجتماع الحضري| الاتجاهات النظرية الكلاسيكية في علم الاجتماع الحضري

د. بسام أبو عليان محاضر بقسم علم الاجتماع ـ جامعة الأقصى الاتجاهات النظالكلاسيكية في علم الاجتماع الحضري: يمكن التمييز بين اتجاهين نظريين كلاسيكيين في علم الاجتماع الحضري درسا المدينة وظاهرة التحضر، هما: الاتجاه المحافظ، والاتجاه الراديكالي. أولًا| الاتجاه المحافظ: |      المبدأ الأساسي الذي يحكم المجتمع، هو: الثبات، والاستقرار، والنظام. |      من علماء الاتجاه المحافظ: ‌أ.         أوجست كونت: اهتم بقانون المراحل الثلاث (اللاهوتية، والميتافيزيقية، والوضعية)، وقارن بين الاستاتيكا والديناميكا الاجتماعية. ‌ب.    إميل دوركايم: اهتم بموضوعات، مثل: تقسيم العمل، والانتحار، والدين، والتضامن الآلي والتضامن العضوي. ‌ج.    ماكس فيبر: اهتم بأنماط السلطة الثلاث: (التقليدية، والكاريزمية، والقانونية)، ودرس موضوعات: البيروقراطية، والرأسمالية، والدين، والفعل الاجتماعي. وربط بين تطور المدينة والتغيرات التي طرأت الثقافة الغربية. ثانيًا| الاتجاه الراديكالي: |      ركز على الصراع الطبقي، وانتقال المجتمعات من مرحلة تاريخية إلى أخرى، وقد جعلها ماركس في خمس مراحل، هي: (المشاعية، والإقطاعية، والرأسمالية، والاش

انثروبولوجيا| علاقة الأنثروبولوجيا بالعلوم الأخرى

علاقة الأنثروبولوجيا بالعلوم الأخرى على الرغم من الاعتراف بالأنثروبولوجيا كعلم مستقلّ بذاته، يدرس الإنسان من حيث نشأته وتطوّره وثقافته، فما زال علماء الإنسان يختلفون حول تصنيف هذا العلم بين العلوم المختلفة، فيرى بعضهم أنّه من العلوم الاجتماعية، كعلم النفس والاجتماع، ويرى بعضهم أنّه من العلوم التطبيقية كالطب، ويرى بعضهم أنّه من العلوم الإنسانية كالفلسفة. أولاً| علاقة الأنثروبولوجيا بعلم الأحياء (البيولوجيا):   يتناول علم الأحياء دراسة الكائنات الحيّة. فهو يعرّف: "العلم الذي يدرس الإنسان كفرد قائم بذاته، من حيث بنية أعضائه وتطوّرها". يرتبط علم الأحياء بالعلوم الطبيعية، لا سيّما علم وظائف الأعضاء والتشريح. وتدخل في ذلك، نظرية التطوّر التي   تقول بأن أجسام الكائنات الحيّة ووظائف أعضائها، تتغيّر باستمرار ما دامت هذه الكائنات تتكاثر، قد تكون أرقى من الأجيال السابقة، كما عند الإنسان. كما تستند هذه النظرية إلى أنّ الإنسان بدأ كائناً حيّاً بخلية واحدة، تكاثرت   إلى أن انتهى إلى ما هو عليه الآن من التطوّر العقلي والنفسي والاجتماعي. وهذا ما دلّت عليه بقايا عظام الكائنات ا