التخطي إلى المحتوى الرئيسي

علم الاجتماع الحضري| المشكلات الحضرية المعاصرة

بسام أبو عليان
محاضر بقسم علم الاجتماع ـ جامعة الأقصى


المشكلات الحضرية المعاصرة

أولًا| المشكلات الاقتصادية:

يشكل النمو الحضري السريع في الدول النامية إزعاجًا للحكومات؛ لما يترتب عليها من مشكلات، ليس بمقدور الحكومات مواجهتها؛ بسبب عجز البرامج الاقتصادية عن تحقيق أهدافها؛ لأن النمو الحضري أسرع من النمو الاقتصادي.

استمرار هذا الوضع يزيد من تدني مستوى الدخل القومي والفردي، في هذه الحالة تظهر مشكلات مثل: الأعمال الهامشية.

مشكلات المدينة العربية الاقتصادية ليست بمعزل عن تفاعل عوامل أخرى، مثل العامل: الاجتماعي، والثقافي، والصحي، والتعليمي، والبيئي... إلخ.

سمات البناء الحضري في المدينة العربية:

v    تضخم حضري يتجاوز إمكانيات المدينة الاقتصادية.

v    عجز القطاعات المنتجة عن استيعاب القوى العاملة من المهاجرين الريفيين؛ لافتقارهم للمهارات المهنية اللازمة، والخبرة.

v    عدم قدرة الريفيين توفير فرص عمل دفعهم إلى ممارسة أعمال هامشية، لا تسهم في زيادة الإنتاج القومي، وتحولهم إلى فقراء.

ثانيًا| المشكلات الاجتماعية:

المشكلات الاجتماعية هي انعكاس للواقع الاجتماعي والاقتصادي المتخلف الذي عاشته الدول منذ فترة الاستعمار، ومرحلة الاستقلال السياسي.

أبرز المشكلات الاجتماعية التي يعاني منها سكان الحضر:

v    البطالة.

v    الفقر.

v    الجريمة.

v    الأمية.

v    العشوائيات السكنية.

v    الانحراف.

v    أطفال الشوارع.

v    الإدمان.

v    السرقة والتسول.

مشكلة البطالة في الحضر:

أغلب سكان الحضر الفقراء يمارسون أعمال هامشية وغير رسمية؛ حتى يستطيعون العيش والاستمرار في الحياة. من هذه الأعمال: جمع القمامة، والخدمة في المنازل، العمل في محلات تجارية صغيرة، العمل في قطاع البناء والتشييد، العمل في ورش صغيرة.

بينت الدراسات الحقائق الآتية عن البطالة في المجتمع العربي:

v    نسبة الذكور في العمل أعلى من الإناث. حيث أن معدلات البطالة عند الإناث ضعف معدلات البطالة لدى الذكور.

v    لا توجد فروق بين معدلات بطالة الذكور والإناث في الريف والحضر.

v    يتركز عمل الذكور في قطاعات الإنتاج، والنقل، والوظائف الكتابية.

v    يتركز عمل الإناث في المهن العلمية والفنية.

v    ارتفاع معدلات البطالة في صفوف الشباب لاسيما بين خريجي الجامعات، رغم صغر حجمها في المجتمع.

v    كلما ارتفع مستوى التعليم، ارتفعت معدلات البطالة في صفوف المتعلمين.

v    تتميز القوى العاملة في الدول العربية بصغر حجمها، ونموها السريع.

أسباب مساهمة البطالة في ارتفاع معدلات الفقر:

v    بطء عملية النمو الاقتصادي.

v    التغيرات التكنولوجية السريعة.

v    المجتمع العربي مجتمع فتي.

v    ضعف فرص العمل في قطاع الصناعة، فالآلة حلت محل الإنسان.

v    تزايد حجم القوة النسائية في العمل.

v    عدم توفير فرص عمل؛ لاستيعاب الخريجين الجدد.

v    كلما ارتفعت معدلات البطالة ارتفعت معدلات الفقر في المجتمع.

v    سياسات وبرامج التنمية الاقتصادية التي تتبعها الحكومات.

المشكلات الاجتماعية المترتبة على ارتفاع معدلات الفقر الحضري: الجوع، وسوء التغذية، والمرض، والجريمة.

مشكلة العشوائيات في الحضر:

المناطق العشوائية هي مباني مؤقتة بنيت بشكل غير قانوني وبدون تصريح بناء، تتكون غالبًا من غرفة واحدة. مبنية من الصفيح، أو الكرتون، أو الخشب تتحول مع مرور الوقت إلى مباني دائمة، تقع خارج حدود المدينة والتخطيط العمراني، تفتقر إلى المرافق والخدمات العامة، سكانها من الريفيين المهاجرين، وفقراء الحضر.

الأراضي التي تبنى عليها العشوائيات قد تكون أراضي حكومية، أو أراضي متروكة ومهملة، أو أراضي مملوكة ملكية خاصة لكن لا يوجد من يهتم بها. هذه الأراضي قد يسيطر عليها بطريقة غير شرعية، أو بتصريح من جهات مسؤولة.

تعتبر العشوائيات السكنية من أكبر التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه الحكومات في الدول النامية، فهي بؤر للكثير من المشكلات مثل: الجريمة، والعنف، والفقر، والأمية، والجهل، والأمراض، والمخدرات، والبطالة... إلخ.

نظرًا لخطورة هذه المناطق فقد جعلت الأمم المتحدة سنة 1987 عامًا دوليًا لإيواء من لا مأوى لهم، وذلك من خلال إعداد خطط وبرامج لمعالجة مشكلات سكان العشوائيات بتوفير السكن الملائم، ونمط الحياة الكريمة، وتوفير المياه الصالحة للشرب، والكهرباء، والصرف الصحي، والعلاج، والتعليم، والتخلص من النفايات.

الحلول المقترحة لحل مشكلة العشوائيات:

·        إزالة المستوطنات العشوائية.

·        تطوير المستوطنات العشوائية.

·        إعادة النظر في التوزيع غير العادل لموارد المجتمع القائم على التمييز بين الريف والحضر.

·        وضع إجراءات تحد من هجرة الريفيين إلى الحضر.

مشكلة الفقر الحضري:

يعتبر الفقر سببًا لك لكثير من المشكلات الاجتماعية والاقتصادية.

تؤكد الإحصائيات العالمية أنه يوجد أكثر من بليون شخص يهدد الفقر حياتهم.

تربط نظرية التحديث والتنمية بين فقر الدول النامية من جهة، والانفجار السكاني ومشكلات الإنتاج الزراعي من جهة ثانية.

أما نظرية التبعية تفسر فقر الدول النامية بسبب وجود مؤسسات طفيلية تخدم مصالح الدول الرأسمالية على حساب الإنتاج القومي. لذلك يجب أن تتحرر الشعوب من الاستغلال الرأسمالي ، وعلى الحكومات بناء إستراتيجية تنموية عادلة.

مشكلة العنف الحضري:

مشكلة العنف ليست بمعزل عن المشكلات الاجتماعية الأخرى كالجريمة، والفقر، والبطالة، والأمية.

أغلب سكان الحضر محرومين من حاجات أساسية كثيرة، فهم أفراد محرومون ومحبطون، وقد يلجئون إلى العنف.

بينت الدراسات أنه يوجد ثلاث فئات للعنف الحضري، هي:

‌أ.       العنف السياسي: هو عنف جماعي موجه ضد الدولة، وقد يكون عنف الدولة ضد المعارضين والمشاغبين. يأخذ أشكالًا متعددة، مثل: الانتفاضة، العصيان المدني، الحرب الأهلية، الثورة، الإضراب.

‌ب.  العنف العرقي: يكون في المجتمعات التي توجد فيها عرقيات وإثنيات مختلفة.

‌ج.    العنف الإجرامي: كالسطو، والقتل.

أسباب العنف السياسي في الحضر:

‌أ.       الإحباط الاقتصادي الذي يعاني منه المهاجر من الريف إلى الحضر، فتزيد من مشاعر الحرمان لديه، فتؤدي إلى احتمالية مشاركته في أعمال عنف سياسي.

‌ب.  المهاجر من الريف إلى الحضر يعاني من مشكلة سوء تكيف مع بيئة الحضر، فيعاني من مشكلات نفسية واجتماعية، فيزيد من تفكك علاقاته الاجتماعية، وضعف الروابط الاجتماعية التقليدية، فيتولد لديه الاستعداد للالتحاق بجماعات سياسية متمردة.

‌ج.    المهاجر من الريف إلى الحضر يزيد وعيه السياسي والمعارضة الثورية معًا، فيتم تسييس المهاجر، ويشارك في أنشطة سياسية كالانضمام إلى جماعات المعارضة، والمشاركة في الأنشطة الاحتجاجية.

مشكلات البيئة الحضرية:

مشكلات البيئة الحضرية تختلف من مدينة لأخرى، وتتأثر بعدة عوامل، هي:

·        حجم المدينة، ومعدل النمو.

·        الانفجار السكاني.

·        التحديث والتكنولوجيا.

·        استخدام الطاقة المعتمدة على الأخشاب مما يهدد الغابات.

·        الفقر.

·        مستوى الدخل.

·        الموقع الجغرافي، والظروف المناخية.

·        والإمكانيات المادية والاقتصادية.

·        التوجهات السياسية والأيديولوجية.

كل هذه العوامل تنعكس على مخططات وبرامج التنمية الحضرية، إضافة إلى موقف المسؤولين من مشكلة العشوائيات السكنية.

آليات مواجهة مشكلات البيئة الحضرية:

·        تخفيض أسعار الكهرباء، والماء، والمواصلات.

·        الاستخدام الأمثل للمصادر المالية المتوفرة في المدينة. وضع القطاع الخاص في مشروعات البنية التحتية.

·        وضع خطط مناسبة للإنفاق الحكومي، والاستثمار الرأسمالي.

هذه الاقتراحات تدعم التوجه الرأسمالي والعولمة الاقتصادية، وواقع الدول النامية يشير إلى عكس ذلك تمامًا.

المرجع| بسام أبو عليان، علم الاجتماع الحضري، 2020.  

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الممارسة المهنية في الخدمة الاجتماعية (1)| مهارة المقابلة

بسام أبو عليان محاضر بقسم علم الاجتماع ـ جامعة الأقصى مهـارة المقابلة تعريف المقابلة المهنية: "لقاء وجاهي مقصود يعقد بين الأخصائي الاجتماعي والعميل أو المشاركين الآخرين في عملية المساعدة بهدف جمع معلومات متعلقة بالمشكلة أو إعطاء معلومات بهدف التأثير على سلوك العميل وتغيير بيئته الاجتماعية، بهدف المساعدة في حل مشكلته أو التخفيف منها". تعد المقابلة أداة مهمة لجمع المعلومات، إذا أحسن الأخصائي الاجتماعي التصرف مع العملاء؛ لأن العملاء يميلون لتقديم معلومات شفهية أفضل من الكتابة. تأتي أهمية المقابلة مع الأميين والأطفال والمسنين أكثر من غيرهم. فإذا كان الأخصائي يتمتع بروح مرحة وقبول اجتماعي، ولباقة في الحديث، وذكاء في طرح الأسئلة فإنه يهيئ جواً ودياً مع العميل. بالتالي يحصل على معلومات مهمة عن المشكلة، وبإمكانه تشجيع العميل على الحديث من خلال الإيماءات وتعبيرات الوجه ولغة الجسد عموماً. عناصر المقابلة: 1)       العلاقة الاجتماعية: لا يمكن عقد المقابلة بدون وجود طرفيها معاً (الأخصائي الاجتماعي، والعميل). هذه العلاقة تحكمها العديد من المعايير المهنية. أدناها: (الترحيب بال

علم الاجتماع الحضري| الاتجاهات النظرية الكلاسيكية في علم الاجتماع الحضري

د. بسام أبو عليان محاضر بقسم علم الاجتماع ـ جامعة الأقصى الاتجاهات النظالكلاسيكية في علم الاجتماع الحضري: يمكن التمييز بين اتجاهين نظريين كلاسيكيين في علم الاجتماع الحضري درسا المدينة وظاهرة التحضر، هما: الاتجاه المحافظ، والاتجاه الراديكالي. أولًا| الاتجاه المحافظ: |      المبدأ الأساسي الذي يحكم المجتمع، هو: الثبات، والاستقرار، والنظام. |      من علماء الاتجاه المحافظ: ‌أ.         أوجست كونت: اهتم بقانون المراحل الثلاث (اللاهوتية، والميتافيزيقية، والوضعية)، وقارن بين الاستاتيكا والديناميكا الاجتماعية. ‌ب.    إميل دوركايم: اهتم بموضوعات، مثل: تقسيم العمل، والانتحار، والدين، والتضامن الآلي والتضامن العضوي. ‌ج.    ماكس فيبر: اهتم بأنماط السلطة الثلاث: (التقليدية، والكاريزمية، والقانونية)، ودرس موضوعات: البيروقراطية، والرأسمالية، والدين، والفعل الاجتماعي. وربط بين تطور المدينة والتغيرات التي طرأت الثقافة الغربية. ثانيًا| الاتجاه الراديكالي: |      ركز على الصراع الطبقي، وانتقال المجتمعات من مرحلة تاريخية إلى أخرى، وقد جعلها ماركس في خمس مراحل، هي: (المشاعية، والإقطاعية، والرأسمالية، والاش

طرق الخدمة الاجتماعية| خدمة الفرد

طريقة خدمة الفرد مراحل تطور خدمة الفرد: مرت خدمة الفرد في عدة مراحل، حتى وصلت إلى شكلها الحالي. 1.    المرحلة المشاعية (العشوائية): بدأت المرحلة العشوائية منذ فجر الإنسانية، واستمرت حتى نهاية القرن السادس عشر الميلادي، تميزت بعدة خصائص، أبرزها: تقديم المساعدات بدافع فردي وتلقائي، وبشكل عشوائي وبسيط بعيدًا عن التعقيدات البيروقراطية، قدمت كهبة أو صدقة أو إحسان، إلا أنها قُدِّمَت بصور مهينة ومذلة، لم تحفظ كرامة الفرد. فلم يكن في هذه المرحلة مؤسسات حكومية تمارس الخدمة الاجتماعية، بل قدمت الخدمات من خلال: (بيوت المال، ودور العبادة، والجمعيات الدينية، وبيوت الإصلاح)، فلم يكن يوجد أخصائيين اجتماعيين يمارسون مهنة الخدمة الاجتماعية، إنما مورست من قبل متطوعين بواسطة: (الأثرياء، ورجال الدين، والسحرة، والمشعوذين، والمخاتير، وكبار القبائل). 2.    المرحلة التمهيدية (تنظيم الجهود): بدأت المرحلة التمهيدية مع صدور قانون الفقر الإنجليزي سنة (1601م)، واستمرت حتى نهاية القرن التاسع عشر، حيث لوحظ زيادة في الجهود الإنسانية التي قدمت المساعدات للفقراء والمحتاجين، وذلك يعود لسببين: | الأ