د. بسام أبو عليان قسم الاجتماع ـ جامعة الأقصى |
شهر
رمضان ميدان فسيح للتنافس. لكن، كلٌ يتنافس على طريقته الخاصة، ووفق غاياته. هناك من
يتنافسون في العبادات بين تلاوة القرآن، وأداء النوافل، وترديد الأذكار، والتصدق، وإصلاح ذات البين...إلخ؛
لابتغاء الأجر ونيل رضا الله تعالى. وهناك من يتنافسون في ترويج السلع الرمضانية؛
لتحقيق الربح رغم ضمور النشاط الاقتصادي في مثل هذا الموسم من كل عام. وهناك نسوة
يتنافسن في إعداد الأكلات والحلويات والأشربة اللذيذة؛ لفتح شهية أفراد الأسرة
الصائمين من ناحية، وعرضها على مواقع التواصل الاجتماعي من ناحية أخرى. وصنف رابع
يتنافسون في "التسول"؛ لجمع المال.
إن التسول
ظاهرة سلبية موجودة في كل المجتمعات بنسب متفاوتة. يرجع هذا التفاوت لاختلاف
المستوى الاقتصادي، والتضامن الاجتماعي، والاستقرار السياسي من مجتمع لآخر. قد يكون مباشرًا في
الأماكن العامة (المساجد، والأسواق، وإشارات المرور، والتردد على البيوت...إلخ). وقد
يكون غير مباشر ببيع أشياء صغيرة كالمحارم والبسكويت عند إشارات المرور ومواقف
السيارات باستجداء وتذلل. لو أعطيت أحدهم شيقلًا ولم تشترِ منه يقبل وينصرف، فهو يستر تسوله
خلف أشيائه الصغيرة.
قد
يكون التسول بالمعاقين باستغلال إعاقة أحد أفراد الأسرة. أو التسول بالمستندات حيث يكون
مع المتسول تقارير طبية غير معلومة المصدر ولا واضحة الكتابة بدعوى المرض وحاجته
للعلاج. كذلك انتشر شكل جديد للتسول لم نكن نألفه في مجتمعنا من قبل، هو: (التسول في
المساجد، وليس على أبواب المساجد) حيث يقوم المتسول عقب الصلاة بإلقاء خطبة يجمع
فيها بين الوعظ الديني وعرض أمراضه، ـ بصرف النظر عن صدقه أو كذبه ـ.
من
خلال متابعتي للمتسولين لاحظت فيهم الخصائص الآتية:
أولًا| صغر السن: حيث أن جلهم من الأطفال تتراوح أعمارهم بين (6-15) سنة. بعضهم يتهرب من المدرسة أو من البيت ليمتهن التسول. عادة يلجأ أولئك للتسول إذا عجزت الأسرة عن تلبية حاجاتهم الضرورية، وأحيانًا يُدفَع الطفل للتسول من قبل أسرته.
ثانيًا| القوة الجسدية والصحية: يوجد صنف من المتسولين بنيتهم الجسدية وأناقتهم الشخصية لا تعكس أنهم يعانون من أي مرض أو إعاقة تعيقهم عن العمل والكسب. هؤلاء يتجهون للتسول باعتباره الطريق الأقصر والأسهل للحصول على المال.
ثالثًا| العنصر النسوي: نسبة كبيرة من المتسولين من النساء، قد يكن لوحدهن أو يرافقهن أطفال (أصحاء أو معاقين) من عمر الحضانة حتى المراهقة. كما يلاحظ من بين المتسولات صغيرات السن. قد يستغلهن البعض لغوايتهن ويوقعهن في مستنقع الرذيلة.
رابعًا| التسول داخل المؤسسات الحكومية والأهلية بالتنقل بين مكاتب الموظفين.
خامسًا| الطواف على المؤسسات الخيرية. كتبت مقالًا في تاريخ: (24/7/2017) بعنوان: (نحو خطوات مؤسسية جادة للحفاظ على حقوق المتعففين). جاء فيه: "الطوافون على الجمعيات هُم..هُم. يتلقون مساعدات من جمعيات إسلامية، ويسارية، ووطنية، وعربية، وأجنبية. فأصبحت أسماؤهم شبه معتمدة في أغلب الجمعيات. فاستوطنت في كشوف الجمعيات... وغفلوا أن هذا السلوك أصبح ثقافة وجزءًا من مكونات شخصية ما بعد الحصار".
أولًا| صغر السن: حيث أن جلهم من الأطفال تتراوح أعمارهم بين (6-15) سنة. بعضهم يتهرب من المدرسة أو من البيت ليمتهن التسول. عادة يلجأ أولئك للتسول إذا عجزت الأسرة عن تلبية حاجاتهم الضرورية، وأحيانًا يُدفَع الطفل للتسول من قبل أسرته.
ثانيًا| القوة الجسدية والصحية: يوجد صنف من المتسولين بنيتهم الجسدية وأناقتهم الشخصية لا تعكس أنهم يعانون من أي مرض أو إعاقة تعيقهم عن العمل والكسب. هؤلاء يتجهون للتسول باعتباره الطريق الأقصر والأسهل للحصول على المال.
ثالثًا| العنصر النسوي: نسبة كبيرة من المتسولين من النساء، قد يكن لوحدهن أو يرافقهن أطفال (أصحاء أو معاقين) من عمر الحضانة حتى المراهقة. كما يلاحظ من بين المتسولات صغيرات السن. قد يستغلهن البعض لغوايتهن ويوقعهن في مستنقع الرذيلة.
رابعًا| التسول داخل المؤسسات الحكومية والأهلية بالتنقل بين مكاتب الموظفين.
خامسًا| الطواف على المؤسسات الخيرية. كتبت مقالًا في تاريخ: (24/7/2017) بعنوان: (نحو خطوات مؤسسية جادة للحفاظ على حقوق المتعففين). جاء فيه: "الطوافون على الجمعيات هُم..هُم. يتلقون مساعدات من جمعيات إسلامية، ويسارية، ووطنية، وعربية، وأجنبية. فأصبحت أسماؤهم شبه معتمدة في أغلب الجمعيات. فاستوطنت في كشوف الجمعيات... وغفلوا أن هذا السلوك أصبح ثقافة وجزءًا من مكونات شخصية ما بعد الحصار".
في
المقابل يوجد المتعففين الذين لا يسألون الناس إلحافًا، يعيشون أوضاعًا غاية في الحرمان،
لا يسترهم إلا جدران بيوتهم. لكن حياؤهم، وعزة أنفسهم، وعفتهم، وحسن أخلاقهم جعلهم
يترفعون عن ممارسة التسول. أولئك أجدر أن يُبحَث عنهم كي يأخذوا ما يُشبِع حاجتهم
ولا يضطرهم لمد أيديهم للناس.
كثير
من المزكين يؤجلون إخراج زكاة أموالهم إلى شهر رمضان، وكثير من المتصدقين يجودون
بأموالهم في رمضان لابتغاء الأجر. لكنهم يقعون في خطأ، ـ بقصد أو بدون ـ، عندما يتعجلون
في إعطاء المال لغير مستحقيه. كأنه (مال الزكاة والصدقة) حمل ثقيل يريدون التخلص
منه بسرعة. المسألة تحتاج منهم إلى مزيد من الجهد للبحث عن الأسر المتعففة المستورة؛ كي تصلها هذه الصدقات والزكوات.
عزيزي
المزكي والمتصدق:
لا تكترث كثيرًا لكثرة المتسولين ونقاط التسول. لقد أفتى غير
واحد من أهل الفتوى أنه لا يجوز إعطاء الصدقات والزكوات لممتهني التسول، ويجب التحري
لإعطائها لمستحقيها من المتعففين.
واعلم أن للصدقة آداب، منها: تَجنب الرياء وأخلص
النية لله تعالى: قال رسول الله ﷺ: "إنما الأعمال بالنيات". السرية: قال رسول الله ﷺ: "حتى لا تعلم يمينه ما
تنفق شماله". قدم الصدقة بشكل مهذب في مغلف. لا تمن على المُتَصَدَق عليه. قال تعالى: {لا
تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى}. أخرجها من مال طيب: قال رسول الله ﷺ: "إن الله طيب لا يقبل إلا
طيبًا". يقدم الأقارب المحتاجين من غير الأصول والفروع على غيرهم.
أختم
بمشهدين رأيتهما في رمضان قبل الماضي مع نفس المتصدق. الأول: قطع مستول طريق
المتصدق وأخذ يستجديه بنفس منكسرة كي يعطيه شيئًا من المال. ويجيبه المتصدق أنه
أعطاه قبل يومين. يكلمه وهو يهرول ولا ينظر إليه، فالمتصدق منزعج من تصرف المتسول. انتهى
الموقف ولم يعطه شيئًا. المشهد الثاني: أخرج ذات المتصدق مالًا ليقدمه إلى رجل
فقير، فأبى، وحمد الله أن أموره مستورة وليس بحاجة للمال، رغم فقره. فهرب المتعفف
وجرى المتصدق خلفه ليعطه الصدقة. تأمل كيف قلبت الصورة. في الأولى كان المتسول
متطفلًا ويجري خلف المتصدق بذل وهوان. في الثانية استجدى المتصدق المتعفف أن يأخذ
صدقته!.
تعليقات
إرسال تعليق