خدمة الجماعة| أساليب التدخل المهني في خدمة الجماعة

د. بسام أبو عليان
محاضر بقسم علم الاجتماع - جامعة الأقصى

 أساليب التدخل المهني في خدمة الجماعة:

أولًا| الدراسة المبدئية:

يركز أخصائي الجماعة على دراسة احتياجات العضو، ومشكلاته، وظروفه، ونمط شخصيته.

في سبيل ذلك يستخدم أداة أو أكثر من الأدوات الآتية: (الملاحظة، المقابلة الفردية، المقياس السوسيومتري، الزيارة المنزلية).

ثانيًا| اتخاذ القرار:

يتخذ العضو قراره بحرية دون تأثير من جانب أخصائي الجماعة.

ثالثًا| تكوين الجماعة:

يتم تشكيل الجماعة من حيث الحجم المناسب، وصفات الأعضاء، ودرجة تجانس الأعضاء، وأهداف الجماعة، والمشكلات التي يرغب الأعضاء في حلها.

تختلف هذه الجوانب باختلاف سياسة المؤسسة، ووظيفتها، وأهدافها.

رابعًا| تدخل أخصائي الجماعة:

يشمل تدخل أخصائي الجماعة الجوانب الآتية:

¬    تحديد أهداف التدخل المهني.

¬    تحديد استراتيجيات التدخل المهني.

¬    اختيار أساليب التدخل المهني المناسبة.

خامسًا| النهاية:

بعد أن يتحقق هدف التدخل المهني ينصب دور أخصائي الجماعة على التقليل من مخاوف الأعضاء من الانفصال، ويساعد الأفراد الراغبين في الانضمام لجماعات أخرى في نفس المؤسسة أو في مؤسسة أخرى. ويجب على الأخصائي الاجتماعي تقييم البرامج، والأنشطة، والخدمات بصورة دورية؛ بهدف الاستفادة منها في برامج وأنشطة وجماعات أخرى.

مبادئ خدمة الجماعة:

تعريف المبدأ:                            

"قاعدة عامة تؤيدها الخبرة والبحث العلمي، لها صفة التعميم بين أصحاب الاختصاص".

تعريف المبدأ المهني:

"هو نظام عمل أو سلوك مقنن مقبول ومتفق على ضرورة احترامه، والالتزام به من قبل العاملين في المجال المهني؛ لأن الخبرة المهنية الطويلة أثبتت صلاحيته، وأصبح دليل عمل يلتزم به المهنيون؛ لاقتناعهم بما ينتج عن تطبيقه من فوائد مرغوبة، كما أن مخالفته يترتب عليها أخطار وأضرار لا تتفق مع مبادئ المهنة".

مما يجدر ذكره، أن مبادئ خدمة الجماعة المهنية ليست إستاتيكية، بل هي ديناميكية يمكن تعديلها أو تغييرها بحسب ما يحتاجه تطور المهنة، وبحسب ما تتوصل له الدراسات والأبحاث العلمية.

وعليه، يجب التأكيد على الحقيقتين الآتيتين:

(1) يجب استخدام جميع المبادئ المهنية في خدمة الجماعة كوحدة واحدة؛ لأن العشوائية في توظيف المبادئ، أو اختيار مبدأ وإهمال آخر، والتفاضل بينها لا يحقق الأهداف المهنية، ويقدم خدمة مشوهة وعرجاء.

(2) لا يكفي الأخصائي الاجتماعي أن يكون ملمًا بمبادئ خدمة الجماعة فحسب، بل يجب أن تكون لديه رغبة حقيقية لتوظيفها في الممارسة المهنية بطريقة صحيحة، ومهارة عالية؛ ليتمكن من تحقيق النتائج المرجوة، فهو المسؤول الأول عن نجاح أو فشل هذه الممارسة.

أهم مبادئ طريقة خدمة الجماعة:

1.   العلاقة المهنية:

تعد العلاقة المهنية من المبادئ الأساسية في كل طرق الخدمة الاجتماعية.

تعرَّف: "هي حالة من الارتباط العاطفي والعقلي بين أخصائي الجماعة وأعضاء الجماعة، وهي مؤقتة لها وقت بداية ونهاية، تضبطها قيم مهنية محددة، ولا تنشأ إلا في إطار مؤسسة اجتماعية".

تقوم العلاقة المهنية على عدة عناصر، أهمها:

v    يقبل أخصائي الجماعة الأعضاء كما هم، وليس كما يجب أن يكونوا.

v    يسعى أخصائي الجماعة للحصول على ثقة أعضاء الجماعة.

v    أن تكون العلاقة المهنية في حدود وظيفة المؤسسة.

v    أن يكون قوام العلاقة المهنية: الحرية، والثقة، والاحترام المتبادل.

2.   التكوين السليم للجماعة:

الجماعة هي وحدة العمل الرئيسية في خدمة الجماعة، لذلك عند تكوينها يجب أن يهتم الأخصائي الاجتماعي بالعوامل التي تمكِّنها من أن تكون إيجابية، وتتمثل في:

v    دراسة المجتمع المحلي؛ باعتبار الجماعة جزءًا من هذا المجتمع، وانعكاسًا له.

v  دراسة الخصائص الجسمية، والنفسية، والعقلية لأعضاء الجماعة، والتعرف على اهتماماتهم المشتركة، وحاجاتهم، ورغباتهم؛ للعمل على إشباعها.

v  عند تشكيل الجماعة يجب مراعاة معايير محددة كالعمر، والنوع، والمستوى الدراسي، والحالة الصحية، والمستوى الاقتصادي، والمركز الاجتماعي.

v    تحديد معايير تكوين الجماعة، والعدد الأمثل، والحجم المناسب لها.

v    تحديد أهداف الجماعة المطلوب تحقيقها.

3.   الأهداف الخاصة للجماعة:

لا تشكَّل الجماعة عبثًا، لابد أن تحدد لها أهدافًا تسعى إلى تحقيقها. حيث يتحكم في تحديد أهداف الجماعة ثلاثة جوانب، هي:

v  ثقافة المجتمع المحلي وما فيه من عادات، وتقاليد، وقيم، وأعراف، وأخلاق. إذ يجب على الجماعة ألا تخرج عنها، أو تخالفها، أو تهزأ بها. فالجماعة تكتسب شرعيتها من خلال حفاظها على ثقافة المجتمع.

v    فلسفة وسياسة المؤسسة الاجتماعية التي تتبنى الجماعة.

v    فلسفة الأخصائي الاجتماعي، ومسؤولياته نحو الجماعة.

الجدير بالذكر، قد لا تلتقي دائمًا أهداف الأخصائي الاجتماعي وأعضاء الجماعة، فالاختلاف وارد؛ لأن طبيعة البشر الاختلاف والتنوع، المهم ألا يصل هذا الاختلاف إلى حد الصراع والتناقض.

أهداف الجماعة قد تكون قصيرة أو متوسطة أو بعيدة المدى. مثلًا: قد يكون هدف العضو قصير المدى: شغل وقت فراغه والاستماع به. الهدف المتوسط: اكتساب مهارة ما. الهدف البعيد: تعليم المهارة للآخرين.

كلما كان هدف الجماعة واضحًا ساعد الأعضاء على التماسك والتعاون، والعمل على تحقيقه. لذلك يجب أن يوضع للجماعة أهداف عامة وواضحة، وأهداف فرعية تعين على تحقيق الأهداف العامة. بمعنى آخر، تجزئة الأهداف العامة إلى أهداف فرعية؛ فكلما تحقق هدف فرعي كان بمثابة دافع ومحفز لأعضاء الجماعة للاستمرار في العمل وتحقيق أهداف الجماعة جميعها.

4.   تتبع استمرار ونمو الجماعة:

الأفراد، والجماعات، والمجتمعات ثلاث كتل اجتماعية مترابطة ببعضها البعض، تتسم بالديناميكية، كل واحدة تؤثر في الاثنتين الأخريين، أي الفرد يؤثر في الجماعة والمجتمع، والجماعة تؤثر في الأفراد والمجتمع، والمجتمع يؤثر في الأفراد والجماعات.

بمعنى آخر، عند دراسة أي وحدة من الوحدات الثلاث يلزم دراسة الوحدتين الأخريين. لذلك على أخصائي الجماعة أن يكون عارفًا بأهداف الجماعة، وقدراتها، وإمكانياتها، ويسعى إلى تقديم المساعدة في حدود المستطاع.

5.   التفاعل الجماعي الموجه:

التفاعل الاجتماعي هو مصدر التأثير في أعضاء الجماعة، من خلال المشاركة في برامج وأنشطة الجماعة.

6.   ديمقراطية الجماعة وحق تقرير المصير:

يعتبر حق تقرير المصير من مستلزمات النمو السليم للفرد. تستخدم خدمة الجماعة هذا المبدأ من خلال مساعدة أعضاء الجماعة لاختيار الأنشطة المناسبة حسب قدراتهم وميولهم. لذلك على أخصائي الجماعة القيام بهذا الدور بشكل سليم عند توزيع المهام والمسؤوليات على الأعضاء، ووضع البرامج, واتخاذ القرارات, والتقييم.

حق تقرير المصير ليس مطلقًا، ولا يمنع أخصائي الجماعة من وقف أي نشاط قد يعرض الجماعة إلى الخطر أو الضرر، أو يخالف ثقافة المجتمع، أو يخالف سياسة المؤسسة الاجتماعية.

7.   المرونة:

أي تعاون الأخصائي الاجتماعي مع أعضاء الجماعة أثناء توزيع المهام عليهم، كلٌ حسب قدراته وميوله واهتماماته، ويمكنه تعديل في البرنامج والأنشطة بحسب التغيرات التي تطرأ على الجماعة.

8.   اكتساب الأعضاء لخبرات جديدة:

تعتبر البرنامج أحد الوسائل التي تعين الفرد على اكتساب خبرات جديدة.

9.   استثمار موارد البيئة:

يجب استثمار الإمكانيات المتوافرة في المؤسسة الاجتماعية والمجتمع المحلي؛ من أجل توفير الدعم اللازم لأعضاء الجماعة. لذلك على أخصائي الجماعة أن يكون ملمًا بموارد المؤسسة والمجتمع؛ ليعمل على استثمارها لصالح أعضاء الجماعة.

10.        التقويم:

التقويم هو تحديد القيمة الفعلية للتغيرات التي صاحبت الجهد المبذول مع الجماعة، من أجل التعرف على مدى نجاح أو فشل الجهد المبذول مع الجماعة، ويتم ذلك من خلال: التقارير، وتسجيل المعلومات.

يشمل التقويم الجوانب الآتية:

|    البرامج والأنشطة التي نفذتها الجماعة.

|    دور أخصائي الجماعة، وعلاقته بأعضاء الجماعة.

|    العلاقات الاجتماعية بين أعضاء الجماعة.

|    علاقة الجماعة بالمجتمع المحلي، والجماعات الأخرى.

المرجع| بسام أبو عليان، خدمة الجماعة، خانيونس، مكتبة الطالب الجامعي، 2021.