![]() |
د. بسام أبو عليان قسم علم الاجتماع - جامعة الأقصى |
تعريف الرعاية الاجتماعية:
v إدموند
سميث: "نسق من المؤسسات الاجتماعية، والقيم، والأهداف، والمبادئ المشتركة
التي تعبر عن المصلحة العامة للمجتمع، وعن رفاهية الأعضاء كأفراد، وجماعات، ومجتمعات
محلية".
v هوارد
رسل: "مجال المسؤولية الحكومية التي تمارس لتحقيق الأمن والحماية وتوفير فرص
التكيف الاجتماعي الناجح للشعب... لإشباع الحاجات التي لا تقوم هيئات أخرى
بإشباعها بما في ذلك المساعدات المالية للمحتاج، وحماية الضعيف والعاجز من
الاستغلال الاجتماعي، وتوفير الخدمات الاجتماعية والإسكان".
v والتر
فريد لاندر: "النسق المنظم للخدمات والأجهزة التي يتم إعدادها لمساعدة
الأفراد والجماعات لتحقيق مستويات مناسبة للصحة والمعيشة، ولتدعيم العلاقات
الشخصية مما يمكنهم من تنمية قدراتهم، وتحسين مستوى حياتهم بما يتفق مع احتياجاتهم
ومجتمعاتهم".
v أحمد
خاطر: "نظام لإحداث التغير، يضم عدداً من الوظائف والخدمات التي تقابل
الاحتياجات الاجتماعية إلى جانب الإمكانيات التي توفرها الأسرة وجماعات
المجتمع".
v بدورنا
نعرفها: "منظومة من المؤسسات الحكومية والأهلية، تحكمها مجموعة مبادئ، وقيم مهنية
تسعى لإشباع حاجات الأفراد، والجماعات، والمجتمعات من خلال التوفيق بين احتياجات
الأفراد وموارد المجتمع؛ بهدف تنمية قدراتهم، وإعانتهم على تحقيق التكيف مع
بيئاتهم الاجتماعية".
تقدم
خدمات الرعاية الاجتماعية لكل محتاج، سواء كان رجلًا، أو امرأة، أو طفلًا، أو يتيمًا،
أو معاقًا، أو شابًا، أو مسنًا، أو مدمنًا، أو معنفًا، أو بدويًا، ريفيًا، أو
حضريًا... إلخ. أما الرفاهية الاجتماعية هي حالة من لين ورغد عيش، لذلك ترتبط بالحالة
الاقتصادية والاجتماعية التي يمر بها المجتمع.
خصائص الرعاية الاجتماعية:
1) تسعى
الرعاية الاجتماعية لعلاج المشكلات الاجتماعية، وإزالة العقبات التي تعترض الأفراد،
أو الجماعات، أو المجتمع وتعيق تكيفهم الاجتماعي، والاندماج في مجتمعاتهم.
2) تعمل
الرعاية الاجتماعية لصالح المجتمع، حيث تتعرف على جوانب العجز والقصور في النظم
الاجتماعية فتعالجها، وتعزز جوانب القوة.
3) تعتبر
الرعاية الاجتماعية ضرورة مجتمعية، فهي موجودة في كل المجتمعات، لكن بصور ودرجات
متباينة.
4) تسعى
الرعاية الاجتماعية لتحقيق رفاهية الإنسان، باعتبارها حقًا مكفولًا لكل أفراد
المجتمع دون تمييز، بغض النظر عن اللون، والعرق، والجنس، والديانة، والبيئة
الاجتماعية.
5) تقدم
خدمات الرعاية الاجتماعية من قبل مؤسسات المجتمع المختلفة (الحكومية، والأهلية،
والأولية، والثانوية).
6) تطبق
برامج الرعاية الاجتماعية وفق ثقافة المجتمع الذي توجد فيه.
7) تهتم
الرعاية الاجتماعية بالجانبين (الوقائي، والعلاجي).
8) لا
تسعى الرعاية الاجتماعية لتحقيق الربح المادي.
9) لا
تقاس آثار الرعاية الاجتماعية بمقياس مادي ملموس وسريع، فإشباع حاجات الأفراد،
والجماعات، المجتمعات وتنمية قدراتهم وزيادة إمكانياتهم عملية استثمارية بعيدة
المدى.
تقوم الرعاية الاجتماعية على جزأين: حقوق
للفرد، قد تكون: (مادية، معنوية، اجتماعية، تعليمية، تربوية، صحية، ترفيهية...
إلخ)، يقابلها واجبات على الفرد، مثل: واجب العمل، وتحمل المسؤولية المجتمعية،
والحفاظ على أمن المجتمع.
يشهد العالم كثافة سكانية عالية، يقابلها
زحف عمراني كبير، وإنشاء مشاريع صناعية وتجارية، وتقلص المساحات الخضراء المزروعة،
مما يعني ندرة الموارد المجتمعية التي تشبع احتياجات السكان المتزايدة بتزايد
أعدادهم. هذا الخلل بين عدد السكان وحجم موارد المجتمع يؤدي إلى تفاوت طبقي بين
شرائح المجتمع، حيث توجد فئة قليلة يملكون رؤوس الأموال الكبيرة والضخمة، ويتحكمون
في موارد المجتمع، وأغلبية لا تملك، وتعيش في ظروف الفقر والجوع والحرمان. في ظل التفاوت
الطبقي الصارخ يجب تهيئة أجواء العدالة الاجتماعية؛ لمنع الملاك من الاستفراد
بموارد المجتمع لصالحهم، وحرمان الأغلبية.
3. الكرامة
الإنسانية:
تعترف الرعاية الاجتماعية بكرامة الفرد
بغض النظر عن مستواه المعيشي، ومركزه الاجتماعي، ووضعه التعليمي، وحالته الصحية،
وبيئته الاجتماعية. فالاعتراف بكرامة الفرد هي بداية الطريق ليعرف على حقوقه وواجباته،
وتعينه على الاندماج الاجتماعي، وتحقيق مشاركته الفعالة في عمليات التنمية
الاجتماعية والاقتصادية.
التغير سنة كونية من سنن الله تعالى،
وحتمية اجتماعية، بحيث لا يخلو منه أي مجتمع إنساني، إلا أن درجات وشكل التغير تختلف
من مجتمع لآخر، ومن عصر لآخر. قد يكون التغير نتيجة عوامل طبيعية كالبراكين، والزلازل،
والفيضانات، والتصحر. وقد يكون نتيجة فعل إنساني مقصود ومخطط كتعمير أرض صحراوية
قاحلة وتحويلها إلى أرض زراعية، أو بناء مدرسة أو مستشفى أو ملعب في أرض متروكة...
إلخ. هناك تغير تدريجي يستغرق ردحًا طويلًا من الزمن؛ حتى يحقق هدفه. قد يكون التغير
كليًا يشمل كافة نظم المجتمع، وقد يكون جزئيًا يشمل أحد الأنساق الاجتماعية. قد
يكون التغير سريعًا، غالبًا يكون في الجانب المادي، وقد يكون بطيئًا غالبًا يكون
في جانب القيم والأخلاق. قد يكون التغير في صالح المجتمع، وقد يكون في غير صالحه. كل
حالة تغير يصاحبها مشكلات اجتماعية، وثقافية، واقتصادية، مما يتطلب ضرورة التدخل المهني
لعلاج تلك المشكلات.
التعاون يكون على شكلين:
أ-
التعاون التلقائي: لازم
الإنسان منذ عهد بعيد، حيث يتعاون الناس فيما بينهم لمواجهة أخطار الطبيعة،
والأزمات، والكوارث.
ب- التعاون المنظم: يكون
من خلال التنظيمات والمؤسسات الاجتماعية وفق قواعد وأسس منظمة وواضحة.
الرعاية الاجتماعية تحاول الاستفادة من
الشكلين.
تؤمن الرعاية الاجتماعية أن لكل فرد في
المجتمع فرصة متساوية مع الآخرين، سعيًا لتحقيق أهدافهم وإشباع حاجتهم.
تؤمن الرعاية الاجتماعية أن تنمية
المجتمع وتحسين أحواله لا تلقى على عاتق جهة أو شريحة اجتماعية دون غيرها، بل كل
أفراد وشرائح ونظم المجتمع مطالبون بالمساهمة في تنمية المجتمع. سواء كانت هذه
المشاركة بالدعم المادي، أو المعنوي، أو المالي، أو حتى الرأي والمشورة.
مبادئ الرعاية الاجتماعية:
1. تقديم
المساعدة إلى المحتاج الحقيقي:
هذا
المبدأ يختلف باختلاف المجتمعات حسب معايير تحديدها للمحتاج، فهناك مجتمعات تعتبر
الفقير أولى بالمساعدة من غيره، ومساعدته لا تقتصر على الجانب الاقتصادي فحسب، بل
تشمل الجانب الصحي، والنفسي، والتعليمي، والاجتماعي. وهناك مجتمعات تعتبر هذه حقوق
لكل فرد في المجتمع، ولا تقدم للفقراء فقط، وإن قدمت لهم لا تقدم من باب المَن.
2. تشجيع
الاعتماد على الذات:
لا تسعى الرعاية الاجتماعية لغرس قيم التواكل،
والتكاسل، والخمول في نفوس الفقراء، والمعاقين، والمحتاجين، بل تحارب تلك القيم
السلبية، وتعمل على تقوية قيم الإنجاز والدافعية. وما المساعدات التي تقدمها لهم
إلا لتعينهم للاعتماد على الذات، والسعي لإشباع حاجاتهم بأنفسهم، ولا ينتظروا
المساعدات من الآخرين؛ لئلا يكونوا عالة وعبئًا على المجتمع.
3. المسؤولية
الأسرية:
الأسرة هي المؤسسة الاجتماعية الرئيسية،
والمسؤول الأول عن تنشئة الأفراد الاجتماعية، فعلى الرغم من التغيرات التي شهدتها
المجتمعات إلا أن الأسرة لازالت تحتفظ بتلك الوظيفة، ولازالت تستنكر المجتمعات على
الأسرة تخليها عن أبناءها إن لم تقدم لهم الخدمات والرعاية اللازمة. لذلك من مبادئ
الرعاية الاجتماعية تحقيق التماسك الأسري، وتوفير أجواء أسرية صحية؛ لتتمكن من
إشباع حاجات أفرادها بشكل سليم.
إذا عجز الفرد عن تحسين مستواه
الاقتصادي والاجتماعي، وعجزت الأسرة عن تقديم الخدمات المطلوبة للارتقاء بأفرادها،
في هذه الحالة يعد التدخل المجتمعي ضرورة ليقف كل عند مسؤولياته؛ لحماية الأفراد
من المشكلات الاجتماعية.
يعد النموذج الثانوي شديد الارتباط بالنظريات الاقتصادية التي تعتبر أن الازدهار الاقتصادي يقلل من نسبة الفقر في المجتمع. ويقوم هذا النموذج على فلسفة: "حاجات الفرد تشبع من خلال الأسرة، والقرابة، والنظام الاقتصادي، فإذا اتضح أن أحد هذه الأنظمة لا يعمل بصورة صحية، برزت الحاجة لوجود نظام ثالث، هو: الرعاية الاجتماعية". مع العلم، أن النموذج الثانوي لا يتعامل مع كل الحالات الفقيرة، بل تقتصر خدماته على الحالات الطارئة، والفقر المزمن.
ثانيًا| النموذج
المؤسسي:
يركز النموذج المؤسسي على مشكلة الفقر
ذاتها، وليس على أسباب الفقر، لذا، فهو يهتم بتوفير الخدمات لمن لا يستطيع توفيرها
بنفسه، باعتبار أن هذا يضمن تحقيق العدالة الاجتماعية. ويعتبر خدمات الرعاية
الاجتماعية أنها بحاجة لدعم مستمر، ويجب ألا تقتصر على الأفراد الذين يعانون من
مشكلات فقط، بل تقدم لجميع المواطنين باعتبارهم منتفعين من هذا النظام.
علاقة الرعاية الاجتماعية بالخدمة الاجتماعية:
تعد الرعاية الاجتماعية هي الإطار العام
الذي تمارس فيه مهنة الخدمة الاجتماعية. بمعنى آخر، الرعاية الاجتماعية توفر تربة خصبة
للخدمة الاجتماعية؛ لتوصل خدماتها إلى الفئات المحتاجة، معتمدة في ذلك على بعدين،
هما: (العلمي، والعملي) عند الأخصائي الاجتماعي.
من أهم الفروق بينهما: الخدمة الاجتماعية تهدف إلى تغيير النظام الاجتماعي، في حين تسعى الرعاية الاجتماعية إلى تغيير ظروف الفرد.
تعليقات
إرسال تعليق