التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الممارسة المهنية مع الأفراد والعائلات| العلاقة المهنية

مدرس المساق| أ. بسام أبو عليان
محاضر بقسم الاجتماع ـ جامعة الأقصى

العلاقة المهنية:
استخدمت مصطلحات عديدة تصف جوهر العلاقة المهنية، منها: (التبادل العاطفي، والوسيط، والارتباط المهني، والمقابلة المهنية، والعملية المتبادلة).
أطلقت العديد من الأوصاف التي تحدد هدف العلاقة المهنية، منها: (تطوير الشخصية، وحل أفضل لمشكلات العميل، ووسيلة لتنفيذ الوظيفة).
خصائص العلاقة المهنية:
1.  مرحلية: تمر العلاقة المهنية في ثلاث مراحل: (البداية) يغلب عليها الخوف والقلق والتوتر من جانب العميل، ثم (الوسط) يغلب عليها العمل وتنفيذ الخطة العلاجية، أخيراً (النهاية) يغلب عليها نفس مشاعر البداية، لكنها خوف العميل من الانفصال عن الأخصائي الاجتماعي.
2.    قيادية ـ تبعية: تكون القيادة للأخصائي الاجتماعي، والتبعية للعميل.
3.    موضوعية: تخلو من التحيز للون، أو الجنس، أو الدين، أو السكن... إلخ.
4.    مؤسسية: لا تتشكل ولا تنمو العلاقة المهنية إلا في إطار المؤسسة الاجتماعية.
5.  مؤقتة: للعلاقة المهنية وقت بداية ونهاية. تبدأ باتصال العميل بالأخصائي الاجتماعي، وتنتهي بانتهاء المساعدة أو إقفال ملف الحالة.
6.    واقعية: ترتبط العلاقة المهنية بالحاضر، ولا تتعمق كثيراً في الماضي.
7.    إنسانية: ليست العلاقة المهنية مجردة، بل تشمل جوانب إنسانية وعاطفية.
8.  الاتصال: تعتمد العلاقة المهنية على مهارات الأخصائي الاجتماعي في الاتصال مع العملاء، واستخدام أدوات وتقنيات الاتصال بنجاح.
9.  المعرفة والفهم: تقوم العلاقة المهنية على معرفة الأخصائي الاجتماعي لجميع جوانب المشكلة، والفهم المتبادل بين طرفيها للمشكلة.
10.   يختلف تكوين العلاقة المهنية باختلاف الموقف الاجتماعي، ووحدة العمل، وطبيعة المؤسسة الاجتماعية، ومهارات الأخصائي الاجتماعي.
11.         تفسيرية: تساعد في تفسير المواقف الخلافية بين الأخصائي والعميل.
12.         تحرك الوحدات الأخرى المشاركة في عملية المساعدة للوصول إلى الهدف النهائي، وتحقيق التغير المطلوب.
13.         التجديد: تسعى لتقديم كل جديد لمساعدة العميل على تجاوز المشكلة.
14.         علاجية: للعلاقة المهنية ثلاث مستويات: (تصحيحية، وتأثيرية، وتدعيمية).
علامات نجاح العلاقة المهنية
1.  التزام كل من الأخصائي الاجتماعي والعميل بالمواعيد المقررة للمقابلات المهنية، والخطوات المرحلية لتنفيذ الخطة العلاجية.
2.    تخفيف مقاومة العميل لتكوين العلاقة المهنية لاسيما في مرحلة البداية.
3.    إظهار الحقائق والمعلومات كما هي دون تهويل وتضخيم أو تسطيح.
4.    تقبل العميل لشروط المؤسسة.
5.    إبداء الرغبة من طرفي العلاقة المهنية للتوصل إلى نتائج أفضل.
6.    الثقة والاحترام المتبادل بين الأخصائي الاجتماعي والعميل.
العوامل المؤثرة في العلاقة المهنية:
1.    مكان الاجتماع من حيث السعة والضيق، والإنارة، والتهوية، والخصوصية... إلخ.
2.    الوقت المحدد لإنهاء العلاقة المهنية.
3.    الخبرات السابقة التي أثرت على قدرة الطرفين للارتباط بالآخر.
4.    الحالة الجسمية والعاطفية للمشاركين في العلاقة المهنية.
5.    قدرات المشاركين، وأهدافهم، وتوقعاتهم من المشاركة في العلاقة المهنية.
6.    طبيعة المشكلة، وتوقعات كل طرف من الآخر.
7.    المعرفة العلمية والمهارات المهنية التي يملكها الأخصائي الاجتماعي.
8.    القيم التي يحملها كل طرف مشارك في العلاقة المهنية.
9.    تأثير العوامل الاجتماعية والبيئية الأخرى.
العناصر المطلوب توفرها لتطور العلاقة المهنية
(1)  الهدف: هدف الممارسة المهنية يُنظر له من زاويتين:
à   الزاوية المعيارية: تشير للهدف الرئيسي للعلاقة المهنية. وهو تعديل أو تغيير شيئاً ما في علاقة العميل مع الأخصائي الاجتماعي، أو في علاقة العميل مع البيئة الاجتماعية. وتحسين قدرة العميل للتكيف والقيام بوظائفه بشكل أفضل.
à   الزاوية الإجرائية: تتعلق بتحديد الأطراف المشاركة في العلاقة المهنية، مثل: (الوالدين، الأطباء، الإدارة المدرسية، الأخصائي النفسي، أخصائي العلاج الوظيفي... إلخ) حسب الحالة.
(2) الاهتمام بالعميل: يكون بإفصاح الأخصائي الاجتماعي عن مشاعره الصادقة وإيصالها للعميل. لذلك يجب أن يغلب على العلاقة المهنية: (الشعور بالمسؤولية، واحترام شخصية العميل، وتقديم الرعاية اللازمة). من علامات اهتمام الأخصائي بالعميل: الحضور في الوقت والمكان المتفق عليهما لإجراء المقابلات، وإبداء الرغبة في تقديم المساعدة، والإصغاء الجيد لما يقوله العميل.
(3)التعهد والالتزام: كي تنجح العلاقة المهنية يجب أن يتقيد الأخصائي الاجتماعي والعميل بالتعهدات التي قطعاها على نفسيهما من خلال ما يعرف بعقد الخدمة.
(4) التقبل: يكون بعدم إصدار أحكام مسبقة على العميل، والإيمان بقدرته على النضج، وقبول العميل على ما هو عليه وليس كما يجب أن يكون. بهدف تخليص العميل من المشاعر السلبية كـ(الخوف، والقلق، والتوتر)، وتوفير مناخ ملائم لعلاقة ناجحة.
الجدير بالذكر، التقبل يكون من الطرفين. مثلما يطالب الأخصائي بتقبل العميل. العميل أيضاً مطالب بتقبل الأخصائي، وإلا لا تستقيم العلاقة المهنية بينهما.
عناصر التقبل:
v  التعرف: يتعرف الأخصائي الاجتماعي على واقع العميل، وخبراته، وقيمه، واحتياجاته، وأهدافه، وخلفياته الثقافية والاجتماعية.
v  الفردية: ينظر الأخصائي الاجتماعي للعميل أنه إنسان له مشاعره وخبراته الخاصة به. ولا ينظر له من مكانته الاجتماعية أو معتقداته الدينية، أو اتجاهاته الفكرية.
v  الثقة: يعمل الأخصائي الاجتماعي على توفير أجواء تعزيز الثقة مع العميل، والإيمان بما لدى العميل من قدرات وإمكانيات.
معوقات التقبل:
1.    القصور العلمي لدى الأخصائي الاجتماعي، أو عدم قدرته على توظيف الجانب النظري في الممارسة المهنية.
2.  قصور نسبي لدى الأخصائي الاجتماعي ناجم عن خبرات ماضوية، مما يجعله يظهر مشاعر الحب أو الكره للعميل حسب تلك الخبرة.
3.    افتقاد الأخصائي الاجتماعي للموضوعية.
4.    المغالاة والتهويل بإعطاء المشكلة حجماً أكبر من حجمها الحقيقي.
5.    اختلاف أحكام الأخصائيين الاجتماعيين على الفعل الواحد.
6.    عدم استجابة العملاء للتقبل من جانب الأخصائي الاجتماعي.
7.    إجراءات المؤسسة البيروقراطية البطيئة.
(5) المشاركة الوجدانية: "هي قدرة الأخصائي الاجتماعي على مشاركة العميل في خبراته ومشاعره".
ميز "لوكاس" بين ثلاث مصطلحات، هي: (التعاطف، والشفقة، والمشاركة الوجدانية). من خلال المثال الآتي يمكن التمييز بينها. نفترض "أن رجلاً يكره زوجته كرهاً شديداً". فكانت ردود أفعال أصدقائه كالآتي:
v  المتعاطف: قال له: "أشعر بما تشعر به، وما تكنه في صدرك من مشاعر الكره والبغض لزوجتك. زوجتي مثل زوجتك تماماً. لا أستطيع تحمّلها".
هذا الكلام يريح الصديقان، لكن لا يوفر حلاً للمشكلة.
v    المشفق: يواسي صديقه، ويضيف أنه على العكس، حيث يعيش سعيداً مع زوجته، ولا توجد خلافات كبيرة بينهما.
هذا الكلام يزيد من إحباط الزوج المحبَط، قد يدفعه بإلقاء اللائمة على نفسه، أو على زوجته، أو يندب حظه.
v    المشارك وجدانياً: يقول لصديقه: يبدو أن الأمر صعب للغاية، لكن ما الذي يمكن أن يساعدك في حل المشكلة؟.
هذا الشخص لفت انتباه صديقه للتعرف على أسباب المشكلة، وكيفية البحث عن حل.
(6) السلطة والقوة: هي التفويض الذي يقدمه كل من العميل والمؤسسة الاجتماعية للأخصائي الاجتماعي لممارسة القوة المستمدة من قدرته على التأثير والإقناع وامتلاكه للخبرة والمعرفة العلمية.
(7) الصدق: أن يُقبِل الأخصائي الاجتماعي على العلاقة المهنية بصراحة وواقعية وأمانة. وكي تتسم بالصدق يجب أن يوفر الأخصائي معلومات صادقة عن نفسه، وعن إجراءات المؤسسة وسياساتها، ودورها المهني.
(8) حق تقرير المصير: "هو حرية مقيدة تمنح للعملاء بدرجات متفاوتة حسب طبيعة مشكلاتهم، وأنماط شخصياتهم، في إطار فلسفة المؤسسة، وإمكانياتها".
القواعد المهنية التي يجب مراعاتها عند تطبيق حق تقرير المصير:
1.    استثمار النشاط الذاتي للعميل.
2.    إزالة جهل العميل بالمشكلة.
3.    التخفيف من حدة التوترات الناجمة عن المشكلة.
4.    العمل مع العميل وليس من أجل العميل.
الحالات التي تحرم من حق تقرير المصير:
1.    الأحداث المنحرفون.
2.    بعض حالات المرض النفسي والجسمي.
3.    حالات الإدمان الشديد على المخدرات والمسكرات.
4.    الأطفال الصغار.
5.    الحالات التي يتوقع أن يلحق العميل ضرراً بنفسه كالانتحار.
6.    حالات التعدي على عادات وتقاليد المجتمع.
معوقات تحقيق حق تقرير المصير:
‌أ.       انتشار الجهل وارتفاع نسبة الأمية.
‌ب.  انتشار ظاهرة التواكل.
(9) السرية: "هي حفظ المعلومات الخاصة بالعميل، وحمايتها من التسرب".
القواعد الفنية لتطبيق السرية:
1.    أن تكون المقابلة في مكان آمن بعيداً عن عيون المتطفلين ومسترقي السمع.
2.  حرص الأخصائي الاجتماعي الحصول على معلومات لها صلة مباشرة بالمشكلة، وألا يتعمق في المعلومات الشخصية التي لا علاقة لها بالمشكلة.
3.    أن يطمئن الأخصائي الاجتماعي العميل على سرية المعلومات منذ البداية.
4.    ألا يسجل الأخصائي المعلومات أمام العميل، إلا بعد إذنه لئلا تثير الريبة في نفسه.
5.  إذا احتاج الأخصائي الاجتماعي لمعلومات عن المشكلة من جهة أخرى، يجب أن يحصل على موافقة العميل. باعتباره المصدر الأول للمعلومات.
6.    تجنب الزيارات المنزلية دون إذن مسبق من العميل.
7.  إذا كان للمؤسسة سيارة أو علامة تدلل على شخصيتها يجب أن توقف في مكان بعيد عن بيت العميل لئلا تثير الانتباه عليه ـ لاسيما في الزيارات الأولى ـ.
8.    يجب أن توفر المؤسسة ملفات وخزانات خاصة لحفظ ملفات العملاء.
دور المؤسسة في تطبيق السرية:
‌أ.       تهيئة مكان المقابلة لتحقيق مبدأ السرية، واتخاذ التدابير اللازمة لحفظ ملفات العملاء وإبعادها عن عبث العابثين.
‌ب.  من حق العميل أن يتعرف على كيفية نظام عمل المؤسسة.
‌ج.    عقد دورات تدريبية للأخصائيين الاجتماعيين للتدريب على كيفية تجسيد مبدأ السرية في الممارسة المهنية.
‌د.  عند تحويل العميل من مؤسسة لأخرى يكتب تقرير مختصر عن الحالة لا تظهر فيه تفاصيل إلا بالقدر الذي تحتاجه المؤسسة.
‌ه.       عند عرض ملف أي حالة يجب طمس المعلومات التي تدلل على الحالة.
معوقات تطور العلاقة المهنية:
‌أ.   التحويل: أي تدخل العلاقات الشخصية في العلاقة المهنية مما يعيق نموها. كأن يرى الأخصائي الاجتماعي في العميل شبيهاً لصديق ارتبط به في الماضي.
‌ب.    التحويل العكسي: قد يجد الأخصائي الاجتماعي نفسه امتداداً لخبرة وجدانية وقعت له في الماضي، فتثير أحاسيسه نحو العميل.
‌ج.     نقص الكفاءة المهنية لدى الأخصائي الاجتماعي.
‌د.       عدم الالتزام بتطبيق مبادئ العلاقة المهنية.
‌ه.       تعقد إجراءات المؤسسة أو بطئها.

المرجع| بسام محمد أبو عليان، الممارسة المهنية مع الأفراد والعائلات، ط2، مكتبة الطالب الجامعي، خانيونس، 2016.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الممارسة المهنية في الخدمة الاجتماعية (1)| مهارة المقابلة

بسام أبو عليان محاضر بقسم علم الاجتماع ـ جامعة الأقصى مهـارة المقابلة تعريف المقابلة المهنية: "لقاء وجاهي مقصود يعقد بين الأخصائي الاجتماعي والعميل أو المشاركين الآخرين في عملية المساعدة بهدف جمع معلومات متعلقة بالمشكلة أو إعطاء معلومات بهدف التأثير على سلوك العميل وتغيير بيئته الاجتماعية، بهدف المساعدة في حل مشكلته أو التخفيف منها". تعد المقابلة أداة مهمة لجمع المعلومات، إذا أحسن الأخصائي الاجتماعي التصرف مع العملاء؛ لأن العملاء يميلون لتقديم معلومات شفهية أفضل من الكتابة. تأتي أهمية المقابلة مع الأميين والأطفال والمسنين أكثر من غيرهم. فإذا كان الأخصائي يتمتع بروح مرحة وقبول اجتماعي، ولباقة في الحديث، وذكاء في طرح الأسئلة فإنه يهيئ جواً ودياً مع العميل. بالتالي يحصل على معلومات مهمة عن المشكلة، وبإمكانه تشجيع العميل على الحديث من خلال الإيماءات وتعبيرات الوجه ولغة الجسد عموماً. عناصر المقابلة: 1)       العلاقة الاجتماعية: لا يمكن عقد المقابلة بدون وجود طرفيها معاً (الأخصائي الاجتماعي، والعميل). هذه العلاقة تحكمها العديد من المعايير المهنية. أدناها...

خدمة الجماعة| أساسيات خدمة الجماعة - ج1

  د. بسام أبو عليان محاضر بقسم علم الاجتماع - جامعة الأقصى أساسيات خدمة الجماعة تعريف خدمة الجماعة: خدمة الجماعة هي إحدى طرق الخدمة الاجتماعية، تعتمد في عملها على "الجماعة" كوحدة أساسية، تسعى من خلالها إلى تنمية شخصية الفرد باعتباره عضوًا في الجماعة، وتساعده على تحقيق تكيفه واندماجه مع محيطه الاجتماعي من خلال تفاعله مع أعضاء الجماعة تأثيرًا وتأثرًا، ومن خلال الجماعة يتعلم الفرد أنماط السلوك المختلفة، ويكتسب المهارات الحياتية المتنوعة، وتغرس فيه القيم الدينية والاجتماعية والأخلاقية، ويتعلم المبادرات الاجتماعية، والعمل التطوعي، ويكوِّن اتجاهاته تجاه قضايا ومشكلات المجتمع... إلخ، كل ذلك ليكون عضوًا إيجابيًا وفعالًا في المجتمع. لتحقيق هذه الغايات توظف خدمة الجماعة الإمكانيات المتاحة في كل من الفرد، والجماعة، والمؤسسة الاجتماعية، والمجتمع. لم تقتصر ممارسة خدمة الجماعة على مجال محدد، بل تمارس في مجالات اجتماعية كثيرة، منها: الأطفال، والمراهقين، والشباب، والمرأة، والمسنين، والمعاقين، والمرضى النفسيين، والمرضى العقليين، والسجناء، والأحداث، وأطفال الشوارع، والمدمنين... إلخ. كما ...