![]() |
د.بسام أبو عليان محاضر بقسم علم الاجتماع ـ جامعة الأقصى |
فتيات كثيرات يعتقدن أن آباؤهن يقفون عثرة في طريق سعادتهن؛ ويمنعونهن من اجتماعهن بمن يحببن، بحسب اعتقاد الفتاة: والدها صاحب عقلية رجعية، وتفكير متحجر متخلف، وسلوك عنفي، وألفاظ قاسية جارحة، لا يؤمن بالحب قبل الزواج، يريد قمعها، ومصادرة حريتها في اختيار الشخص المناسب لها، يريد تزويجها بطريقة تقليدية... إلخ من هذه المعتقدات التي عششت في ذهن الكثيرات؛ بفعل تأثير وسائل الإعلام المختلفة، بدءًا بمواقع التواصل الاجتماعي، مرورًا بالمسلسلات، والأفلام، وصور الغزو الثقافي الأخرى، انتهاءً بضعف أو قل غياب الرقابة الأسرية.
لا يوجد أب على وجه الأرض يريد إتعاس ابنته وإحزانها، ولا يتمنى إسعادها، بل كل أب يريد لابنته الأفضل والأحسن دومًا، ويبذل في سبيل ذلك كل جهد مستطاع، لكن تختلف طريقة كل أب في الفعل والتعبير عن حبه وحرصه على ابنته، فالأول ودود حنون، والثاني ديمقراطي محاور، والثالث متصلب متشدد عابس، والرابع يتأرجح بينهم جميعًا.
كم من فتاة اختارت شابًا ظنت فيه كل الظنون الحسنة، ووثقت فيه، وأطلعته على سرائرها، وأرسلت له صورها الخاصة، وحدثته عن تفاصيل شؤون أسرتها، فأصبحت كتابًا مفتوحًا له، وصارت رهينة بين يديه يتحكم فيها كيفما شاء، ثم تبيَّن لاحقًا أنه شخص مجرد من كل قيم الرجولة، والأخلاق الحسنة، فقد ادعى ارتداء رداء الطهر، والعفة، والتدين بينما هو في الحقيقة مخادع، ونجس، ولعوب، وشهواني. ما كان لذلك أن يكتشف إلا بفضل الأب حين سأل وتحرى، ورفض التعجل في قبوله .
أن تعززي أواصر الثقة والمودة مع والدك، ولا تزيدي مسافة الجفاء والعزلة بينكما، ولا تنغلقي على نفسك، ولا تجعلي مستشارتك، وملهمتك، وقدوتك، صديقتك، ـ التي هي مثلك جاهلة بكثير من أمور الحياة، وهي بحاجة إلى مَنْ يرشدها ويعينها ـ، خاصة عندما يدور الحديث عن علاقة مع شاب يرغب في التعارف أو الزواج.
حين يعرف الأب بهذه العلاقة من بدايتها، أفضل بكثير من أن يعرف بها متأخرًا من طرف ثالث. لا تدري حينها كيف سيتصرف، وتعضي أصابع الندم أنك لم تطلعيه على الأمر من البداية.
لا تصدقي كلام المسلسلات، والأفلام، والروايات، فهذه مجرد خيالات وتصورات تدور في ذهن كاتبها، وقد لا يمارسها هو حقيقة في حياته، ويأتي بنقيضها تمامًا. ولا تصدقي ما ينشر على مواقع التواصل الاجتماعي، فهو مجافٍ للحقيقة تمامًا، وربما تعرفي حالات من حولك تثبت ذلك.
أعتقد جازمًا أنك لن تسمعي منها ما يسرك، وتتمني سماعه، وستجدي أن حبهما قد انقلب بعد مدة وجيزة إلى واحد من الحالات الآتية، أو الجمع بين أكثر من واحدة: خيانة زوجية بإحدى صورها المختلفة.. إهمال ولامبالاة.. مشكلات زوجية شبه يومية على أتفه الأمور.. صراع على الأدوار الأسرية.. تربص بالآخر وتصيد للأخطاء.. فتور عاطفي يصل إلى حد التصحر، عزلة زوجية، يُسمِع كل منهما الآخر سيء الألفاظ والعبارات، الإهانة النفسية المتعمدة، السهر خارج البيت لغير داعٍ، هجر، طلاق.
تعليقات
إرسال تعليق