![]() |
بسام أبو عليان محاضر بقسم الاجتماع ـ جامعة الأقصى |
نظرية "التفاعلية
الرمزية" هي إحدى النظريات الاجتماعية تساعد في فهم النظم والتفاعلات
الاجتماعية. تنطلق من تحليل الوحدات الاجتماعية الصغرى؛ لنتمكن من خلالها فهم
الوحدات الاجتماعية الكبرى.
تقسم نظرية "التفاعلية الرمزية" الاتصال إلى قسمين: اتصال رمزي، واتصال غير رمزي. حيث يركز الاتصال الرمزي على الأفكار والمفاهيم التي تؤدي فيها (اللغة) دورًا مهمًا في فهم علاقات الأفراد في مختلف المواقف الاجتماعية. أما الاتصال غير الرمزي: يشير إلى مجموع الإشارات والرموز التي يستخدمها أفراد المجتمع؛ لتسهيل عملية التواصل فيها بينهم.
تقسم نظرية "التفاعلية الرمزية" الاتصال إلى قسمين: اتصال رمزي، واتصال غير رمزي. حيث يركز الاتصال الرمزي على الأفكار والمفاهيم التي تؤدي فيها (اللغة) دورًا مهمًا في فهم علاقات الأفراد في مختلف المواقف الاجتماعية. أما الاتصال غير الرمزي: يشير إلى مجموع الإشارات والرموز التي يستخدمها أفراد المجتمع؛ لتسهيل عملية التواصل فيها بينهم.
بناءً
على ما سبق، فإن كلمة "كوشوك" لها دلالات رمزية في ثقافة المجتمع
الفلسطيني المقاوم.
تطلق كلمة "كوشوك" في اللهجة الفلسطينية على إطار السيارات، حيث يعبر إشعال "الكوشوك" عن صورة من صور المقاومة الشعبية الفلسطينية
ضد جيش الاحتلال الإسرائيلي المدجج بمختلف المعدات العسكرية المتطورة. لكن إشعال "الكوشوك"
لم يستخدم في كل حالات الاشتباك مع جيش الاحتلال، بل يستخدم في حالات معينة. كسقوط
شهيد، أو تدنيس واقتحام المقدسات الإسلامية والمسيحية، أو اتخاذ قرار صهيوني يضر بالمصلحة الوطنية الفلسطينية.
بمعنى آخر، إشعال "الكوشوك" ورؤية أعمدة الدخان السوداء الكثيفة المتصاعدة إلى
السماء تدلل للرائي على أن المواجهات مع جيش الاحتلال الإسرائيلي أخذت طورًا أكبر،
وطابعًا أحد من المواجهات الاعتيادية.
مما أذكر في الانتفاضة الشعبية الأولى (1987-1993م)،
عندما لم يكن الفرد على دراية بالأحداث الميدانية، ويرى أعمدة الدخان السوداء
تتصاعد إلى السماء كان يقول: (الدنيا كوشكت.. الدنيا ولَّعت)، فيهرع إلى المذياع أو
يسأل المارة عن الأحداث وأسباب إشعال "الكوشوك". فإشعال
"الكوشوك" تعبير عن الغضب الشعبي على سياسات وممارسات الاحتلال
الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني.
إشعال
"الكوشوك" هو أحد أساليب المقاومة البسيطة التي وظفتها الجماهير
الفلسطينية في الانتفاضة الأولى لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي، بجانب أدوات بسيطة أخرى
كرشق الدوريات العسكرية والجنود الصهاينة بالحجارة، والزجاجات الحارقة (المولوتوف)، والمقلاع،
ووضع المترايس في الشوارع العامة؛ لقطع الطريق على آليات جيش الاحتلال الإسرائيلي التي
تلاحق المتظاهرين... إلخ.
عادة إشعال الكوشوك توقفت مع توقف الانتفاضة
الأولى. لكن يعاد استخدامها مع تصاعد المواجهات الشعبية مع جيش الاحتلال. وقد
استخدمت بشكل مكثف أواخر سنة 2017، تعبيرًا عن الغضب الشعبي العارم على إعلان
الرئيس الأمريكي المتطرف الأرعن "دونالد ترامب" القدس عاصمة للكيان الصهيوني، وقراره نقل
السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى المدينة المقدسة. منذ ذلك الإعلان الأمريكي
حتى هذه اللحظة لم تتوقف الاحتجاجات الشعبية الفلسطينية. لكن زادت وتيرتها في
الأسبوعين الماضيين مع إعلان مسيرات ومخيمات العودة الكبرى التي أقيمت على طول الحدود
الشرقية لمحافظات قطاع غزة رفضًا للقرار الأمريكي، وتأكيدًا على حق العودة إلى فلسطين
التاريخية. التي انطلقت فعالياتها فعليًا يوم الجمعة (30/3/2018). وسقط فيها
عددًا من الشهداء على يد قناصة جيش الاحتلال، ـ رغم سلميتها ـ. فقرر النشطاء على
مواقع التواصل الاجتماعي إطلاق "جمعة الكوشوك" على الجمعة التالية (6/4)؛
تعبيرًا عن الغضب الشعبي لسقوط الشهداء في الجمعة التي سبقتها هذا من جهة، وكي يعطل
إشعال "كوشوك" وظيفة قناصة جيش الاحتلال في إسقاط مزيد من الشهداء من
جهة ثانية. وقد تحقق للجماهير المنتفضة ما أرادت. حيث أشعل "الكوشوك" بشكل
كبير وكثيف على طول الحدود الشرقية للقطاع. فالكل رأى إما من الميدان أو عبر وسائل
الإعلام التي غطت الحدث مباشرة كيف اكتست سماء الحدود جهة الاحتلال بسواد كثيف،
فحولت نهار جيش الاحتلال إلى ليل دامس، فلم يتمكنوا من رؤية شيء من جهة المنتفضين فتعطلت
مهمتهم في القنص. لكن مع خفوت الدخان نجح قناصة الاحتلال فيما فشلوا فيه وقت إشعال
الكوشوك بإصابة العديد من المنتفضين بين شهيد وجريح!
هذه طائفة من صور "جمعة الكوشوك".
![]() |
جيش الاحتلال يقف عاجزًا لم يستطع فعل شيء للمتظاهرين أمام كثافة الدخان الأسود |
![]() |
جيش الاحتلال الإسرائيلي يعتلي تلة لقنص المتظاهرين، لكنه فشل أمام كثافة الدخان الأسود |
![]() |
جيش الاحتلال |
![]() |
عريس فلسطيني شارك في جمعة الكوشوك على طريقته الخاصة |
تعليقات
إرسال تعليق