![]() |
بسام أبو عليان قسم علم الاجتماع ـ جامعة الأقصى |
ارتفعت
وتيرة الاهتمام بقضايا المرأة، والتشديد على ضرورة دمجها في مجالات التنمية المجتمعية
بشكل كبير في الربع الأخير من القرن العشرين، حيث عقدت الأمم المتحدة أربع مؤتمرات
دولية لهذا الشأن، هي:
1) مؤتمر المكسيك عام 1975م: تحت شعار: مساواة.. تنمية..
سلم.
2) مؤتمر كوبنهاجن عام 1980م: بهدف تقييم ما طرح في
مؤتمر المكسيك.
3) مؤتمر نيروبي عام 1985م: وضع الاستراتيجيات الإستشرافية للمرأة حتى عام2000م.
4) مؤتمر بكين عام 1995م: انبثق عنه مفهوم النوع
الاجتماعي (الجندر)، وقد تكرر المصطلح في وثيقة المؤتمر مائتان وثلاث وثلاثون مرة.
الجدير
بالذكر، أن مفهوم الجندر بدأ يتداول في الكتابات العربية والإسلامية مع وثيقة
مؤتمر القاهرة للسكان عام 1994م، أي قبل مؤتمر بكين بسنة.
جندر
كلمة إنكليزية تنحدر من أصل لاتيني، تعني في القاموس اللغوي: الجنس من حيث
الذكورة، والأنوثة. يقابلها مفهوم الجنس (sex) المرتبط بالاختلافات البيولوجية بين الرجل والمرأة، وهي اختلافات
ثابتة، وإن تغيرت ثقافة المجتمعات، أو تغير الزمان والمكان.
تعريف
النوع الاجتماعي (الجندر):
"هو
اختلاف الأدوار، والحقوق والواجبات، والعلاقات، والمسؤوليات، والمكانة الاجتماعية بين
المرأة والرجل، التي يتم تحديدها اجتماعيًا وثقافيًا عبر التطور التاريخي
لمجتمع".
فلسفة
الجندر تؤكد على أن "كل شيء، ـ غير أن الحمل والولادة للمرأة، والتخصيب للذكر
ـ، يحدده المجتمع وليس فطري"، وتسعى إلى تماثل كامل بين الجنسين، وترفض
الاعتراف بوجود فروق بينهما.
بناءً
على تلك الفلسفة فإنهم يعرّفون الأسرة: "مجموعة من الناس يعيشون معًا،
يجمعون أموالهم وينفقونها على احتياجاتهم، ويتناولون وجبة واحدة من الطعام على
الأقل يوميًا".
وفق
التعريف السابق، الأفراد الذين يشكلون الأسرة ليس بالضرورة أن يكونوا (زوجًا،
وزوجة، وأولادهما)، يجمعهم سقف واحد، فقد يكونوا مجموعة رجال مع بعضهم، أو مجموعة
نساء مع بعضهن، أو خليطًا من الرجال والنساء دون روابط شرعية تربطهم ببعض. فلا
يعترف التعريف السابق بروابط الدم والقرابة، والروابط السيكولوجية، والاجتماعية في
تكوين الأسرة، إنما ركز على الجانب المادي فقط (الإنفاق وتناول الطعام)!.
أسس
مفهوم النوع الاجتماعي:
1.
الأدوار
المناطة بالرجل والمرأة محددة بعوامل اقتصادية، واجتماعية، وثقافية أكثر منها
عوامل بيولوجية.
2.
إعادة
توزيع الأدوار بين الرجل والمرأة من منطلق مفهوم المشاركة، فهذا يفيد المجتمع بشكل
أكبر.
3. إتاحة فرص متكافئة للرجل والمرأة؛ لاكتشاف قدراتهم الكامنة، وتمكينهم من المهارات التي تفيدهم في القيام بأدوار جديدة تعود بالنفع على المجتمع.
الفرق
بين الجنس والنوع :
الجنس |
الجندر |
بيولوجي، يولد مع
الإنسان، لا دخل للإنسان فيه |
يتشكل من ثقافة المجتمع،
يتحكم الإنسان فيه. |
لا يمكن تغييره |
قابل للتغيير |
المرأة فقط تحمل
وتلد |
تستطيع المرأة أن
تقوم بالأعمال يقوم بها الرجل |
الرجل فقط يخصب |
يستطيع الرجل رعاية
الأطفال وتنشئتهم، تمامًا كما تفعل المرأة |
الاختلافات
البيولوجية بين الذكر والأنثى:
لقد
أكد القرآن الكريم على الاختلاف البيولوجي بين الذكر والأنثى، فقال تعالى: {وَلَيْسَ
الذَّكَرُ كَالْأُنثَى}[1].
من
صور الاختلافات البيولوجية بين الجنسين:
1. ليس الذكر كالأنثى في البلوغ:
الأنثى
أسرع في البلوغ من الذكر. غالبًا تبلغ الأنثى في سن الثالثة عشر، بينما يبلغ الذكر
في سن الخامسة عشر.
من
علامات بلوغ الذكر: زيادة حجم العضو الذكري والخصيتين، ونمو شعر في مواضع مختلفة
من جسده كـ(العانة، واللحية، والشارب، والصدر، والإبطين)، وخشونة الصوت، والاحتلام،
وزيادة طول القامة، وظهور حَب الشباب.
من
علامات بلوغ الأنثى: زيادة نسبة الدهون في منطقتي الصدر والأرداف، ونمو شعر العانة
والإبطين، ونزول دم الحيض، واتساع عظام الحوض، وزيادة طول القامة، وظهور حب
الشباب، ونعومة الصوت.
2. ليس الذكر كالأنثى في تكوين الحوض:
يختلف
حوض الذكر عن الأنثى، حيث أن عظم حوض الأنثى أخف وزنًا، وأكثر عرضًا وعمقًا وسعة؛
لأنه يضم بعض أعضاء الجهاز التناسلي الأنثوي. هذا من حكمة الله تعالى، فهو يسهل
عليها الحمل، ويحفظ الجنين.
3. ليس الذكر كالأنثى في الحمل.
الأمور
التي ساوى بها الإسلام بين الذكر والأنثى:
1. المساواة في المسؤولية الخاصة والعامة، والثواب
والعقاب: قال تعالى: {كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ}[2].
وقوله: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}[3].
وقوله: {وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ
وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَـٰئِكَ يَدْخُلُونَ
الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا}[4].
2. المساواة في العقوبات: قال تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ
فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِّنَ اللَّـهِ}[5].
وقوله: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ}[6].
3. المساواة في الحقوق المدنية: ملكية، وتعاقد، وبيع،
وشراء، وهبة، وتوكيل.
4. المساواة في إبداء الرأي: قال تعالى: {قَدْ سَمِعَ اللَّـهُ
قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّـهِ وَاللَّـهُ يَسْمَعُ
تَحَاوُرَكُمَا ۚ إِنَّ اللَّـهَ
سَمِيعٌ بَصِيرٌ}[7]. وموقف
أم سلمة رضي الله عنها، لما أشارت على النبي r
أثناء صلح الحديبية بالحلق، وقد أخذ برأيها.
5. المساواة في حق التعلم والتعليم: قال تعالى: {قُلْ هَلْ
يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ}[8].
قالت عائشة رضي الله عنها: "نعم النساء نساء الأنصار لم يمنعهن الحياء أن
يتفقهن في الدين"[9].
الأمور
التي فرق فيها الإسلام بين الذكر والأنثى:
1. بعض الأحكام الشرعية:
v عورة المرأة تختلف عن عورة الرجل.
v لا تسافر المرأة إلا مع زوجها أو محرم.
v تقدم المرأة على الرجال في حضانة الأطفال.
2. النفقة والقوامة: تجب على الرجل، وليست على المرأة،
قال تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّـهُ بَعْضَهُمْ
عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا
أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ}[10].
3. الشهادة: شهادة امرأتان تعادل شهادة رجل واحد، قال
تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ
فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا
فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى}[11].
4. التعدد: يجوز
للرجل أن يعدد من الزوجات (مثنى، وثلاث، ورباع) بشرط أن يكون الزواج لضرورة، ويعدل
بينهن. لكن لا يحق للمرأة أن تعدد الأزواج؛ حفظًا للأنساب من الاختلاط والضياع. قال
تعالى: {فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ
فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً}[12].
تعليقات
إرسال تعليق