البحث العلمي
تعريف العلم:
"هو الجهد
العقلي الذي يبذله الباحثون، ويسعون من خلاله لاكتشاف القوانين التي تحكم الظواهر
الطبيعية والاجتماعية وفق قواعد ومناهج علمية منظمة".
تعريف البحث العلمي:
"عملية مخططة
ومنظمة تسعى إلى حل مشكلات الكون وفق قواعد وخطوات علمية متسلسلة ومرتبة، بهدف
التوصل إلى القوانين التي تحكم الظواهر الطبيعية والاجتماعية".
الفرق بين البحث العلمي والدراسة النظرية:
v
البحث
العلمي: يتصف بالإبداع والابتكار، حيث يأتي الباحث بشيء جديد
لم يسبقه إليه أحد، أو يعيد النظر في قضية بحثت من قبل، لكنه يدرسها بأسلوب جديد،
ويتطرق إلى جوانب لم يُتَطَرَّق لها من قبل.
v
الدراسة
النظرية: لا يُشتَرط أن يأتي الباحث بشيء جديد يضاف إلى المعرفة
العلمية. هذا لا يعني التقليل من أهمية الدراسة النظرية، بل البحث العلمي والدراسة
النظرية مكملان لبعضهما، فالدراسة النظرية تستند على نتائج الأبحاث العلمية،
والأخيرة تعتمد على الدراسات النظرية عند عرض مشكلة البحث.
خصائص البحث العلمي:
1) عملية منظمة لها قواعد وإجراءات منهجية محددة،
فلا يحصل الباحث على معلوماته بالصدفة، أو يقتصر على خبرته الشخصية.
2) ينطلق الباحث في دراسته من الواقع؛ حتى يحيط
بكافة جوانب الظاهرة.
3) البحث العلمي ليس بحثًا لأجل البحث، إنما يسعى
لإيجاد حل لمشكلة أو تفسيرها من خلال نظريات وقوانين علمية.
4) نتائج البحث العلمي يُتَأكد من صحتها بالتجارب؛
لاستبعاد ما هو خاطئ.
5) ينشأ البحث من سؤال يدور في ذهن الباحث بحاجة
إلى إجابة، أو لوجود مشكلة.
6) يقسم الباحث المشكلة إلى أجزاء؛ ليتمكن من إدراكها
ودراستها.
أهداف البحث العلمي:
أ-
توسيع
المعرفة العلمية، والإجابة على تساؤلات (كيف، وماذا، ومتى، وأين؟).
ب-
اكتشاف
حقائق، وقوانين، ونظريات لم نعرفها من قبل.
ج-
يعلمنا
كيفية التعامل مع المواقف والأحداث المشابهة.
د-
كشف العلاقة
بين المتغيرات، ويوضح أسباب المشكلة، ونتائجها، وكيفية حلها.
ه- إحياء موضوعات قديمة وإعادة بحثها بما يستجد من
حقائق لم تكن معروفة أو متوفرة سابقًا، وتناولها برؤية جديدة تخدم قضايا مجتمعية
وإنسانية معاصرة.
دوافع البحث العلمي:
¨
تعليمية:
تعليم، وتوعية، وتثقيف أفراد المجتمع.
¨
شخصية:
تحسين المستوى الأكاديمي للباحث.
¨
مؤسسية:
زيادة عدد الأبحاث التي تصدر عن المؤسسة التي يعمل فيها الباحث.
¨
سياسية:
دعم الخطط والبرامج السياسية.
شروط البحث العلمي:
1. أن يقرأ ويفهم الباحث ما كتب حول موضوع بحثه.
2. أن يدوّن الباحث ما يرد إلى خاطره من أفكار حول
البحث، ثم يعيد صياغتها لاحقًا بشكل علمي، لذا ينصح أن يكون قلم ومفكرة صغيرة
ملازمتان له؛ حتى يدون أفكاره سريعًا؛ لأنها شديدة التفلت والنسيان.
3. ألا يعتقد الباحث أنه يعلم ما لا يعلمه الآخرون،
فيكتفي بذكر رأيه دون تدعيمه بآراء الآخرين.
4. ألا يعتبر الباحث أي رأي من الآراء أنه حقيقة
مسلَّّم بها لا تقبل النقاش، وإن كان صاحب الرأي عالم مشهور، ـ لاسيما في العلوم
الاجتماعية التي تتعدد وتتباين فيها الآراء حول القضية الواحدة ـ. قال الشافعي:
"من كتب ولم يعارض كمن دخل الخلاء ولم يستنجِ".
5. ألا يعتبر الباحث رأيًا من الآراء أنه حقيقة
نهائية، وإن كان يمثل رأي الأكثرية، أو رأي مجموعة باحثين، أو رأي لجنة علمية. قال
أبو حنيفة: "ما جاء عن النبي r
فعلى العين والرأس، وما جاء عن الصحابة تخيرنا منه، وما جاء
عن التابعين فهم رجال ونحن رجال".
6. تحري الدقة والفهم الصحيح لما ينقله من آراء،
أحيانًا يخطئ الباحث ويخلط بين الآراء بسبب سوء الفهم، أو سرعة النقل، أو التسرع
في إصدار الأحكام.
7. الالتزام بالموضوعية، فلا يحذف رأيًا يخالف رأيه،
ولا يلجأ إلى الخيال، ويتجرد من كل فكرة سابقة، ويعتمد على: الملاحظة، والتجربة،
والقياس.
8. أن يكون أمينًا في نقل الآراء والاقتباسات،
فيسند كل رأي إلى صاحبه، وكل مقتبس إلى مصدره.
9. تحري الدقة في استخدام المفاهيم، وتحديد مدلولاتها
بدقة.
10.
الدقة
في الملاحظة.
11.
يعتمد
على نفسه في تحديد موضوع البحث، ولا بأس من الاسترشاد والاستنارة بآراء ذوي
الاهتمام والاختصاص.
12. التجرد من الآراء الشائعة التي ليس لها سند
علمي، مثلًا: "يعتقد البعض إذا رأي غرابًا يعتبره فأل شؤم، ولن يوفق في سائر يومه".
هذه أفكار شائعة بين العوام ليس لها سند علمي، من الخطأ أن الاستناد عليها في البحث
العلمي.
السلوك غير الأخلاقي في البحث العلمي:
(1) اتخاذ بعض الباحثين البحث مهنة لأجل المال، أو الوظيفة، أو الترقية،
أو الشهرة، لذلك بعض الباحثين ينتهكون القيم الأخلاقية والمهنية في البحث.
(2) ضعف الدعم الحكومي المقدم للمؤسسات العلمية جعل بعض الباحثين يبحثون
عن دعم خارجي؛ ليشبعوا نهمهم البحثي، وإن خرجوا بنتائج محرفة.
(3) في بعض الأبحاث المميزة يحصل الباحث على مكافئات مالية، فالذي يحصل
على براءة اختراع يمكنه الحصول على آلاف الدولارات. إن اهتمامه بالمال قد يدفعه إلى
ممارسات غير أخلاقية في البحث.
(4) بعض المحكمين والمشرفين على الرسائل العلمية والأوراق البحثية ليس
لديهم وقت كافٍ للإطلاع عليها؛ لمراجعتها وتنقيحها، فكثير من الأوراق المنشورة لم
تقرأ، الدليل على ذلك: غرقها في الأخطاء الإملائية، وعدم إتباع التقليد العلمي في
توثيق المراجع، وعدم الجدية والابتكار في البحث.
صفات الباحث:
ليس
كل فرد يستطيع الادعاء أنه باحث ناجح، وإن تعلم أصول البحث العلمي.
حب
البحث عن المعلومة موهبة كأي موهبة أخرى مثل: الرسم، والنحت، والشعر، والقصة،
والرواية... إلخ.
الباحث
الموهوب: أفكاره واضحة.. وتحليله عميق.. وحجته قوية.. وقادر على الاستنباط
واستخلاص النتائج وإصدار الأحكام.
تفوق
الطالب في الدراسة النظرية لا يعتبر شرطًا ضروريًا لتفوقه في البحث العلمي؛ لأنه
لم يمتلك مهارة البحث والتحليل؛ واعتمد على التلقين والحفظ.
لذا
يجب على الباحث العلمي التحلي بالصفات الآتية:
1.
(العقل، والفطنة، والذكاء) بهن
يدرك حقائق الأمور.
2. الصبر والجَلَد وتحمل متاعب البحث.
3. الإحاطة بالمجال المعرفي الذي يبحث فيه، حتى
يتسنَّ له انتقاء المراجع الجيدة.
4. التمتع بقدر من الشك العلمي الذي يقوده للتحقق
من صحة فرضياته.
5. الشهوة الدائمة لطلب العلم، والدافعية لإنجاز
البحث بحيث لا يفتر ولا يمل أثناء البحث ولا يقطع البحث وسط الطريق.
6. توفير الدعم المادي اللازم الذي يكفي تكاليف
البحث.
7. التفرغ للبحث العلمي.
8. الموضوعية دون التعصب لمذهب نظري، أو مدرسة
فكرية، أو طائفة.
9. الأمانة العلمية فينسب كل عمل لصاحبه.
10.
اختيار
مشرف لا يبخل عليه بعلمه واستشارته.
خطوات تصميم البحث الاجتماعي:
مصطلح
"تصميم" مستعار من علم الهندسة، وهو كغيره من المصطلحات الاجتماعية
المستعارة من العلوم الطبيعية.
المهندس
قبل أن يُقدِم على بناء أي مشروع هندسي سواء كان (هياكل سيارات، أو سفن، أو
طائرات، أو مباني، أو قطارات)، فإنه يضع في البداية تصميمًا لهذه الهياكل مستندًا
على قواعد علمية، ثم يحدد الإجراءات اللازمة لإقامة البناء، فيحدد: (الأساسات،
والطول، والعرض، والمداخل، والمخارج، والمواد الخام اللازمة، والتكلفة المادية،
ومدة الإنجاز)، بعد ذلك يعطي الإذن للشروع في البناء.
بمعنى
آخر، كلمة تصميم تعني: "عملية تسعى لتحقيق هدف محدد مسبقًا".
ما
قيل بحق المهندس يقال بحق الباحث الاجتماعي. عندما يريد دراسة ظاهرة ما، يجب أن
يكون على دراية بالميدان الذي سيبحث فيه؛ حتى يتسنَ له تحديد الأدوات المناسبة
لجمع البيانات بشكل دقيق، وقبل أن يشرع في البحث يجب أن يجيب على التساؤلات
الآتية:
¨ ما هو الموضوع الذي يدور حوله البحث؟
¨ ما هي نوعية البيانات المطلوبة؟
¨ أين توجد هذه البيانات؟
¨ ما هي الأدوات التي ستتبع في جمع البيانات؟
¨ لماذا سيتم إجراء هذا البحث؟
¨ في أي المجالات سيتم تطبيق البحث؟
¨ في أي فترة زمنية سيتم تنفيذ البحث؟
¨ على أي بقعة جغرافية سينفذ البحث؟
¨ ما هي الفترة الزمنية التي سيغطيها البحث؟
¨ كم حجم عينة البحث؟
¨ ما هي الأسس التي ستتبع في اختيار عينة البحث؟
¨ ما هي الأساليب التي ستوظف في جمع البيانات؟
¨ ما هي المناهج التي ستتبع في إجراء البحث؟
يعد تصميم
البحث جوهر البحث، يلجأ له الباحث منذ أن يقرر البحث، ويصاحبه في كل مراحل البحث
حتى إتمام المرحلة النهائية (كتابة تقرير البحث)؛ لأجل ذلك يجب على الباحث عندما
يقدم على تصميم البحث أن يكون ملمًا بأخلاقيات البحث العلمي، وقد تمرن على ذلك
بالإطلاع على الكتابات السابقة في هذا المجال؛ ليستفيد منها ويسترشد بها.
فيما
يلي عرض خطوات تصميم البحث الاجتماعي:
1. المقدمة.
2. مشكلة البحث.
3. أهمية البحث.
4. مفاهيم البحث.
5. أهداف البحث.
6. الدراسات السابقة.
7. فروض البحث.
8. مناهج البحث.
9. أدوات جمع البيانات.
10. مجالات
البحث: (الزمني، الجغرافي، البشري).
11. جمع
البيانات والمعلومات.
12. تصنيف
البيانات وتبويبها وتفريغها.
13. تحليل
البيانات وتفسيرها (التحليل السوسيولوجي).
14. كتابة التقارير النهائي.
المرجع| بسام أبو عليان، تصميم البحوث الاجتماعية، 2019.
تعليقات
إرسال تعليق