أولًا| الديانة اليهودية
الـزواج:
يعد
الزواج واجبًا في الديانة اليهودية، فعلى الشاب المقتدر الإسراع في
الزواج دون تردد، أو تباطؤ، أو تأجيل. يبدأ الزواج من البلوغ، أي
يزوج الشاب من الثالثة عشر، وتزوج الفتاة من الثانية عشر، بل يجوز
تزويجهما قبل تلك السن إن بدت عليهما علامات النضج والبلوغ الجسدي. من بلغ سن
العشرين ولم يتزوج فقد استحق اللعنة[2].
يلاحظ مما سبق أن الجماعات اليهودية المتدينة ترغب في
الزواج المبكر وتشجعه. إلا أنه في الفترة الأخيرة، تحديدًا بتاريخ
(4/11/2013) أقر الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) بالقراءتين الثانية والثالثة رفع
سن الزواج من سن السابعة عشر إلى الثامنة عشر، وقد جوبه القرار بمعارضة شديدة من
قبل الجماعات الدينية المتشددة؛ لأنه يعارض توجهاتهم التي تشجع الزواج المبكر[3].
الذي يشجع على الزواج المبكر بعض المعتقدات الدينية التي
تعتبر من يعرض عن الزواج مع القدرة يكون في منزلة مرتكب جريمة إزهاق نفس، وما ذلك
إلا لأن اليهود يهتمون بمسألة الإنجاب بشكل كبير، حتى أنه لا يسمح للرجل الزواج من امرأة طلقت بسبب عقرها، ـ أي عدم قدرتها على الإنجاب ـ، أو طلقت لسوء خلقها[4].
إلا أنه يسمح للكاهن الزواج من عاقر، بشرط أن يكون له زوجة سابقة وأبناء[5].
بل الزوجة العاقر ليس لها على زوجها حق الإنفاق[6].
يشجع اليهود المتدينين زيادة النسل؛ لاعتقادهم أنهم
يخوضون صراعاً ديموجرافيًا مع المجتمع الفلسطيني، ـ لاسيما الفلسطينيين الذين
يقيمون داخل ما يسمى بـ"إسرائيل" ـ، فالأسرة الفلسطينية تتميز بكبر الحجم مقارنة بالأسرة اليهودية، فيخشون من حدوث خلل في التركيب السكاني
في المجتمع الإسرائيلي، فتصبح الغلبة العددية في صالح الأسرة الفلسطينية، بالتالي
تنقلب الموازين. لذا تشجع الجماعات اليهودية المتدينة الزواج المبكر، وكثرة
الإنجاب؛ ليبقوا محافظين على الأغلبية العددية اليهودية.
تبقى الفتاة تحت ولاية والدها ما لم تتزوج، فإن تزوجت
تنتقل ولايتها إلى زوجها[7]،
ويصبح مسؤولاً عنها مسؤولية كاملة، وله حق التمتع بها كيفما
يريد، في المقابل عليها أن تقوم بكافة الوظائف الزوجية المطلوبة منها:
(الطحن، والغسيل، والطهي، وإرضاع أولادها، وترتيب فراش زوجها، وغزل الصوف)[8].
الجدير بالذكر، يشجع اليهود يشجعون الداخلي، ويحرمون
الزواج المختلط. أي لا يتزوج الشاب اليهودي إلا من فتاة يهودية، ولا تتزوج الفتاة
اليهودية إلا من شاب يهودي، ولا يجوز لهما الزواج من أتباع
الديانات والأمم الأخرى. استندوا في هذا التحريم على النص التوراتي: "ولا
تصاهرهم. بنتك لا تعطه*
لابنه، وبنته لا تأخذ ابنك". الحكمة اليهودية من هذا
المنع؛ خوفهم أن يعبد اليهودي أو اليهودية آلهة الديانات الأخرى.
فضلًا عن اعتبار اليهود أنفسهم خلفاء الله على الأرض، وشعبه المختار، وأنقى
الأعراق التي خلقها على الإطلاق، وأن الأمم الأخرى أغيار خلقوا لخدمة سادتهم اليهود. تشدد اليهود كثيرًا في مسألة الزواج
المختلط، ومن صور التشدد: أن من تزوّج بغير يهودية يجبر على طلاقها والانفصال عنها،
وإن وقع الزواج يعتبر زواجاً وثنياً، والعلاقة بين الزوجين علاقة زنا، وأولادهما
أولاد زنا. ولا يعتبر الابن يهوديا إلا إذا كان من أب وأم يهوديين.
على الرغم من التشدد اليهودي السابق، إلا أنه بدأ ينتشر
الزواج المختلط في أوساط الشباب، فالشاب اليهودي أصبح يقبل على الزواج من غير
اليهوديات، والشابات اليهوديات أصبحن يقبلن على الزواج من الشباب غير اليهودي[9].
ليس للمرأة اليهودية حرية اختيار زوجها، وعليها القبول بمن يتقدم لزواجها بصرف النظر عن حقيقة موقفها منه بالقبول أو الرفض. فالذي
يملك قرار الزواج رب الأسرة؛ لأنه صاحب السلطة المطلقة. فمما ورد في توراتهم:
"تقديم رضا الأب، وأن له السلطة المطلقة في تزويج أبنائه وبناته بما يراه دون
ملاحظة موافقة آرائهم أو حتى استشارتهم فإن إرادة الأب مقدمة على الجميع".
أما إن كانت الفتاة قاصرة ـ دون سن الزواج ـ، ويتيمة فإن أمها وأخوتها لهما حق
تزويجها، بشرط الحصول على موافقة الفتاة[10]. الأمر لم يقف عند حد
إجبار الأب على تزويج ابنته القاصر، بل حُقَّ له بيعها، فمما ورد في توراتهم:
"يمكن للأب أن يبيع ابنته إن كانت أمة صغيرة"[11].
حتى حالات الاغتصاب يكون علاجها من منظور مادي، فقد ورد في سفر
الخروج: "إذا اغتصب رجل فتاة أو أغواها فإنه يجب أن يدفع لأبيها خمسين قطعة
من فضة"[12].
شبهت الديانة اليهودية الزوجة بقطعة اللحم التي
اشتراها الزوج من عند الجزار، وبالتالي يحق له أكلها كيفما شاء، وجاء في التلمود
أن امرأة اشتكت زوجها إلى الحاخام بأن يعاشرها على غير العادة، فأجابها: "لا
يمكنني أن أمنعه يا ابنتي، فالشرع قد قدمك قوتا لزوجك"[13].
الخطبـة:
تختلف فترة
الخِطبة حسب طبيعة المرأة، فإن كانت عذراء تمتد خطبتها لسنة كاملة، أما
الأرملة فترة خطبتها شهرًا واحدًا"[14].
غرض الخطبة أن يقوم الخطيبان بالتجهيز للزواج.
غرض الخطبة أن يقوم الخطيبان بالتجهيز للزواج.
من أحكام الخِطبة: من خطب إحدى أختين، ولم يعرف أيهما خطب، يطلق الاثنتين، ويعطي كل
واحدة وثيقة طلاق[15].
المهـر:
تعتبر
اليهودية المهر ركنًا من أركان الزواج، لا يتم الزواج إلا به. وقد حدد أدنى قدر
للمهر بخمسين زوزا ـ وهو ما يعادل مائة دينار ـ. لقولهم: "من يزوج ابنته دون
تحديد بائنة فلا يخصص لها أقل من خمسين زوزا"[16].
تعدد الزوجات:
عرفت
اليهودية نظام تعدد الزوجات، بحيث لم يكن هناك حداً مقيداً لعدد الزوجات، بل كان
الأمر مفتوحاً على إطلاقه، وإذا أراد الزوج أن يعدد عليه أن يحصل على موافقة
الزوجة الأولى، فإن رفضت طلقها وأعطاها مؤخر الصداق[17].
بمعنى آخر، بأي شكل من الأشكال يجب أن توافق الزوجة على
التعدد، إن وافقت بقيت في عصمة زوجها، وإن رفضت مصيرها الطلاق! إلا أن التلمود وضع
حداً لعدد الزوجات، فقيده بأربع زوجات للرجل العادي، وثماني عشرة زوجة للملك[18].
من شروط التعدد: أن
يعدل الزوج بين زوجاته، وألا يسكنهن في مسكن واحد.
الطـلاق
تبين مما
سبق، أن الطلاق مسموح في الديانة اليهودية، وقراره بيد الزوج. ويمكن للزوجة أن
تلجأ إلى المحكمة لتضغط على زوجها من أجل تطليقها إن كان الزوج رافضاً للأمر.
ويحرم على الزوج أن يتزوج من طليقته التي تزوجت مرة ثانية ثم رملت أو طلقت[19].
الأرملـة
يوجد في
الديانة اليهودية عدة أحكام تناقش أحوال الأرملة، منها:
·
إذا توفي الزوج ولم
تنجب زوجته يتزوجها شقيقه، وإن أنجبا يكون المولود الأول باسم الزوج المتوفى[20].
·
إن رفض شقيق الزوج
المتوفى الزواج من أرملة شقيقه، تقوم الأرملة وتخلعه نعاله أمام الشيوخ وتتفل في
وجهه[21].
·
إن تزوجت الأرملة من
شقيق زوجها، وأثناء زواجهما ولد شقيق آخر لزوجها، ثم مات الزوج الثاني، فإنها تعفى
من الزواج من الشقيق الثالث[22].
·
فترة حداد الأرملة
ثلاثة أشهر، ولا يجوز لها في تلك الفترة الزواج حتى تنقضي المدة.
·
إذا أبلغت الزوجة بموت
زوجها، ثم تزوجت من رجل آخر، وبعد زواجها تبين أن زوجها لازال حيا فإنها تطلق من
الاثنين، وتحتاج إلى وثيقتي طلاق[23].
·
يمنع أن يتزوج الرجل
ممن كانت زوجة لعمه[24].
·
يمنع أن يتزوج الرجل
من زوجة شقيقه إن أنجبت[25].
مكانة المرأة في اليهودية:
يوجد بعض
النصوص التوراتية والتلمودية التي توصي الرجل بحسن معاملة المرأة؛ لأن إيمانها
أعظم من إيمان الرجل؛ وأشد حساسية منه. إلا أن تلك النصوص لا تذكر وتعد قليلة
مقارنة بالنصوص التي تقلل من مكانة المرأة، وتهدر كرامتها. فإن يهود ينظرون إلى
المرأة نظرة دونية، ويعتبرونها في مكانة أدنى من الرجل، وهي رمز للرجس، والدنس،
والنجاسة، والخبث. بل أن التلمود يشبه المرأة بالحقيبة المملوءة بالغائط[26].
وأي رمز للنجاسة أشد من الغائط؟!
صفات المرأة في التلمود:
1.
ثرثارة.
2. طماعة.
3. تتجسس على الأسرار.
4. كسولة.
5. غيورة.
6. دائمة الخلافات والشجار.
7. شرهة.
سبب بغض اليهود إلى المرأة:
مرد
النظرة اليهودية الدونية والمحتقرة للمرأة على اعتبار أن (حواء) هي سبب ارتكاب
الخطيئة الأولى، وبسببها أُخرِج (آدم) عليه السلام من الجنة، وهي سبب شقاء وتعاسة
البشرية. فقالوا في توراتهم (المحرّفة) عن حادثة الخروج من الجنة: "فرأت
المرأة أن الشجرة جيدة للأكل، وأنها بهجة للعيون، وأن الشجرة شهية للنظر. فأخذت من
ثمرها وأكلت وأعطت رجلها أيضا فأكل معها"[27]. بينما النص القرآني لا
يحمّل طرفا دون الآخر مسؤولية الخروج من الجنة، بل يحمّلها للطرفين معا (آدم
وحواء). قال تعالى: {وَقُلْنَا يَا
آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ
شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ*
فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ
وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ
مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ}[28].[29]
معاملة اليهود للمرأة حسب نوع المولود:
يسعد
اليهودي كثيراً إن رزق بالذكور، ويضجر ويستاء كثيراً، بل يعتبره من علامات سوء
الحظ والسخط إن رزق بالإناث. يقول (بابا بتره): "ما أسعد من رزقه الله ذكورا،
وما أسوء حظ من لم يرزقه بغير الإناث"[30].
بل اليهودي يحمد الله كل صباح بأن خلقه ذكرا ولم يخلقه أنثى،
ولم يخلقه من الأغيار حتى يمنح فرصة أكبر لتنفيذ الأوامر الإلهية[31].
فهم يعتبرون المرأة أساس الغواية، والضلال، والانحراف.
وبالتالي فإن المرأة يمكن أن تعيق الرجل عن ممارسة الشعائر التعبدية، وتلهيه عن
السير في طريق التقرب إلى الله، كونها تمثل رمزا للخطيئة وارتكاب الذنوب والمعاصي.
المرأة والعبادة:
تفرض
التشريعات اليهودية قيوداً مشددة على عبادة المرأة، فمن تعاليمهم[32]:
v لا يجوز للمرأة أن تتلو شيئاً من التوراة عند ما يسمونه حائط
المبكى (حائط البراق).
v لا يحق للمرأة المشاركة في أداء الطقوس التعبدية.
v لا تقام صلاة الجماعة إلا بحضور عشرة من الرجال على الأقل، ولا
تقام بوجود النساء ولو بلغ عددهن المائة أو يزيد.
v شهادة مائة امرأة تعادل شهادة رجل واحد.
المرأة الحائض:
في فترة
الحيض تشتد العزلة النفسية والغربة الاجتماعية على المرأة، حيث تعتبر اليهودية
المرأة الحائض نجسة، ومنجسة لما حولها، ومن يلمسها أو يلمس شيئاً من ملابسها أو
متاعها عليه أن يغتسل ويغسل ملابسه. لذلك على المرأة أن تبقَ طوال فترة الحيض
بعيدة عن الناس، بل يجب أن تبعد عن الدائرة الاجتماعية الضيقة (الأسرة). فمما جاء
في نصوصهم: "المرأة في الحيض نجسة، تحبس في البيت، فكل ما تلمسه من طعام، أو
شراب، أو كساء، أو إنسان، أو حيوان ينجس، وأن كل ما يفعله الرجال من أعمال لا
أخلاقية فإثمه يقع على المرأة. فقد جاء في التوراة: "لقد بدأ الذنب من طرف
المرأة، وأن المرأة في التي توجب موتنا"[33].
وتعد المرأة نجسة لمجرد رؤيتها لدم الحيض، وإذا لمس دم
الحيض ملابس المرأة يعد خطيئة، وغفرانه يكون بتقديم قربان لله. جاء في التلمود:
"إذا وُجد الدم على الثوب الخاص به، فإنهما يتنجسان ويلزمان بقربان
خطيئة"[34].
هذا
الموقف المتخذ من الحائض على النقيض تماما مما هو في الإسلام، حيث أن الحائض تمارس
حياتها بشكل اعتيادي، ولا تمنع إلا من أربعة أمور هي: (الصلاة، والصيام، والطواف
بالبيت الحرام، والجماع ـ إن كانت متزوجة ـ). فقد روي عن عائِشَةُ رضي الله عنها:
"أنها كانت تُرَجِّلُ[35]،
تَعني رأسَ رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، وهي حائِضٌ،
ورسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حينَئِذٍ مُجاوِرٌ في المَسجِدِ، يُدني لها
رأسهُ، وهي في حُجرَتِها، فتُرَجِّلُه وهي حائِضٌ"[36]. وتروي أيضا: "كنتُ
أشربُ منَ القدَحِ وأنا حائضٌ، فأناولُهُ النَّبيَّ فيضعُ فاهُ على موضعِ فيَّ
فيشربُ منْهُ، وأتعرَّقُ منَ العرقِ وأنا حائضٌ فأناولَهُ النَّبيَّ فيضعُ فاهُ
على موضعِ فيَّ"[37].
المرأة
النفساء:
التشدد
والعزلة اليهودية لم تقف عند المرأة الحائض، بل تعداه ليشمل النفساء. فاليهود
يعدون آلام المخاض عقاب للمرأة من الرب على ما اقترفته من ذنوب وآثام. وكأنه توجد
امرأة تلد دون آلام مخاض!
في فترة النفاس تعد المرأة نجسة، لكن مدة نجاستها تختلف
حسب نوع المولود (ذكراً أو أنثى). فمدة نجاسة النفساء إن كان المولود ذكراً سبعة
أيام، ثم تبقى ثلاثة وثلاثين يوماً بعدها لا تدخل بيوت العبادة ولا تلمس الكتب
المقدسة. أما إذا كانت المولودة أنثى فمدة نجاسة النفساء أربعة عشر يوما، وتبتعد
عن بيوت العبادة والكتب المقدسة مدة ستة وستين يوما[38].
إذا أجهضت المرأة
ولم تعرف ما إن كان المجهض ذكرا أم أنثى، تمكث المرأة فترتي النجاسة الخاصة
بالذكور والإناث، وإن لم يكن معروفا إن كان هناك جنينا أم لا، فإنها تمكث ثلاث
فترات النجاسة (الذكر، والأنثى، والحائض)[39].
أي إن لم يعرف نوع المولود المجهض فمدة نجاستها واحد
وعشرين يوما (سبعة أيام نجاسة الذكر، والأربعة عشر يوما نجاسة الأنثى). وإن لم
يعرف إن كان هناك جنينا أم لا فإن نجاسة المرأة تستغرق ثمانية وعشرين يوما (سبعة
أيام نجاسة الذكر، والأربعة عشر يوما نجاسة الأنثى، وسبعة أيام الحيض).
ويسبق الكلام الفائت عن النفساء، أنه "إذا كانت هناك
امرأة متعسرة في ولادتها ثم نقلت من بيت إلى بيت آخر، فإن البيت الأول يعد نجسا
بالشك، والثاني نجسا باليقين"[40].
هذا الحكم ينطبق على المرأة المحمولة، أما إذا تنقلت بين
البيتين على قدميها، فالبيت الأول طاهر، والثاني نجس.
ثانيًا| الديانة المسيحية:
لا يوجد في المسيحية نصا صريحا يحرم أو يمنع الزواج، بل يحيى بن زكريا
عليهما السلام يقول في إحدى مواعظه: "اختاروا زوجات وتزوجوا"[41]. إلا أن بعض آباء
الكنيسة يرون أن عيسى عليه السلام عاش حياته بين الفقراء والمساكين بدون زواج،
ويرون أن الذي يتزوج لا ينال نعمة العفة الأكثر علوا[42].
ينعقد
الزواج بإتباع طقوس ومراسم معينة، إلا أن الأناجيل الأربعة لا يوجد فيها نصا صريحا
يتعلق بتنظيم الزواج، لذلك جاءت أحكام الزواج خليطا من قوانين الرومان،
والكلدانيين، والفراعنة.
يعني بالزواج في المسيحية: "رباط بين
رجل وامرأة، بحيث يتحول الجسدان إلى جسد واحد". ومما ورد في نصوصهم:
"لذلك يترك الرجل أباه وأمه ولتصف بامرأته ويكونا جسدا واحد". وقولهم:
"عندما يتزوج رجل بامرأة فإنهما ليسا فيما بعد اثنين، بل جسد واحد"[43].
الجدير
بالذكر، أن المسيحية كانت في بداية الأمر تأخذ بنظام تعدد الزوجات المأخوذ عن
اليهودية. لكن عندما جمعت بين الرهبانية والزواج، سمحت للرجل أن يتزوج امرأة واحدة
فقط، خشية الوقوع في الزنا. ولا يجوز الطلاق إلا في حالتين: (الزنا، وإذا كان أحد
الزوجين غير مسيحي). وإذا وقع الطلاق لا يجوز للمطلقين أن يخوضا تجربة الزواج مرة
ثانية. أما إذا فرّق الموت بينهما، فيجوز للحي أن يتزوج مرة ثانية.
الميراث:
لم تضع المسيحية نظاما محددا للميراث. فإذا وجدت المحبة والعفة وعدم الطمع
بين الأخوة بإمكانهم أن يتقاسموا الميراث بصورة رضية.
المرأة في المسيحية:
تحتل المرأة مكانة اجتماعية أقل من الرجل في المجتمع المسيحي، ونظرة
المسيحيين للمرأة لا تختلف عن نظرة يهود، فهم يعتبرونها في فترة الحيض والنفاس
نجسة لا يجوز الاقتراب منها، ولا يجوز لها أن تدنو من الأماكن المقدسة وأماكن
العبادة. كما أن فترة نجاسة الحائض تختلف باختلاف جنس المولود. فإن كان المولود
ذكرا فمدة نجاستها أربعين يوما، وإن كان المولود أنثى فمدة نجاستها مضاعفة، أي
ثمانين يوما.
ومن
النصوص الإنجيلية التي تحتقر المرأة وتقلل من مكانتها وتعتبرها نجس ودنس، قولهم:
على لسان يحيى عليه السلام في أحد مواعظه: "إخواني، احذروا، واحرصوا يا
أحبائي.. احذروا الكمائن التي تضعها النساء، فإنها تظل باقية، كما كانت منذ آلاف
السنين.. المرأة النجسة... المرأة ذات النجس تُغشى بإزار ممزق... المرأة ذات النجس
تلد أبناء موتى، يكونون لعنة تحل عليهم في السماء والأرض.. إذا قربتم زوجاتكم
تطهروا بالماء، واسكبوه فوقكم، واغسلوا جيدا، فول بقيت شعرة واحدة غير طاهرة لن
تتطهروا"[44].
وفي موضع آخر قال: "ابعدوا أنفسكم عن
شرط النساء، ومكائدهن... فجميع الحفز زائلة، إلا الحفر التي تحتفرها النساء، فإنها
تظل فاغرة، كما كانت منذ آلاف السنين"[45].
ثالثًا| الديانة الإسلامية:
أنكر
الإسلام جميع أشكال الزواج التي كانت سائدة في المجتمع الجاهلي، ولم يقر منها إلا
شكلاً واحداً (الزواج بولي). وقد رغّب الإسلام في الزواج وحث عليه؛ لأنه يمثل خطوة
صحيحة على طريق بناء الأسرة، وإعمار المجتمع ـ الذي هو غاية خلق الخلق ـ[46]. وهناك
العديد من الآيات القرآنية التي تحث على الزواج، منها قوله تعالى: {وَاللّهُ
جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً}[47]. وقوله:
{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً
لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا}[48].
وقوله: {وَاللَّهُ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ
ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجاً}[49]. وقوله:
{جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً}[50].
ومن
الأحاديث النبوية قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا رهبانية في
الإسلام"[51].
إن النهي النبوي عن الرهبنة جاء رداً على رهبانية النصارى ـ التي رفضها
الله عز وجل، {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا
عَلَيْهِمْ}[52].
أي أن الله تعالى لم يفرض على النصارى الرهبنة والإحجام عن الزواج، ولم
يشرع نصاً يمنعهم من الزواج بحجة التفرغ الكامل لعبادته. إنما هي بدعة من صنيعهم.
ونذكر موقف الثلاثة نفر من الصحابة الذين جاءوا إلى بيت النبي صلى الله عليه وسلم؛
ليسألوا عن عبادته، ويقتدوا به. وحين أُخبروا عنها كأنهم رأوها قليلة، معللين ذلك
بأنه نبي، ولا يطالب بالإكثار من العبادات كعوام الناس! فقال أحدهم معقباً:
"أنا أعتزل النساء ولا أتزوج أبداً"، فكان رد النبي صلى الله عليه وسلم
حين علم بخبرهم: "أما واللهِ إني لأخشاكم للهِ وأتقاكم له... لكني أتزوج
النساء"[53].
بل اعتبر الإسلام المعاشرة الزوجية لوناً من ألوان العبادة. فقال صلى الله
عليه وسلم: "وفي بضعِ أحدكم صدقةٌ. قالوا: يا رسولَ اللهِ، أياتي أحدنا
شهوتَه ويكون لهُ فيها أجرٌ؟! قال: أرأيتم لو وضعها في حرامٍ أكان عليه فيها
وزرٌ؟! فكذلك إذا وضعها في الحلالِ كان لهُ أجرًا"[54].
ومن صور
حثه صلى الله عليه وسلم على الزواج، قوله: "تزوجوا، فإني مكاثر بكم
الأمم"[55].
وكذلك نداءه إلى فئة الشباب: "يا معشر الشباب: من استطاع الباءة*
فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء**"[56].
ومن
دواعي ترغيب الإسلام في الزواج (الإنجاب)؛ لأن فيه حفظاً للأنساب، واستمراراً
للجنس البشري. فقد روي أن رجلاً جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني
أصبت امرأة ذات حسب وجمال، وإنها لا تلد، أفأتزوجها؟ قال: لا. ثم أتاه الثانية
فنهاه، ثم أتاه الثالثة فقال: "تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم
يوم القيامة"[57].
الأحاديث النبوية في هذا الباب كثيرة ولا يسع المقام لسردها والوقوف عندها، لكن ما
يمكن إيجازه: إن الإسلام رغّب في الزواج، بل قدّمه على فريضة الحج بالنسبة
للشاب؛ لأن فيه حماية له من الوقوع في براثن الرذيلة، وحفظًا للأنساب، وصيانة
للأعراض، واستمرارا لبقاء المجتمع.
[2] مطر
عايد العنزي، الزواج والطلاق عند اليهود، صحيفة الرياض، العدد 12621، السنة
38، 8 ذو القعدة 1423هـ، http://www.alriyadh.com/Contents/10-01-2003/Mainpage/Thkafa_3671.php
[4] مطر
عايد العنزي، مرجع سابق.
[5] التلمود
(المشنا)، القسم الثالث (ناشيم: النساء)، ط1، ترجمة وتعليق: مصطفى عبد المعبود سيد
منصور، الجيزة، مكتبة النافذة، 2008م، 57.
[6] المرجع
نفسه، ص143.
[7] المرجع
نفسه، ص115.
[8] المرجع
نفسه، ص120.
* الأصح: لا تعطها.
[9] لمزيد من
المعلومات انظر: عبد الوهاب المسيري،
موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية (الجماعات اليهودية ـ إشكاليات)، مج2،
د.ب، د.ن، د.ت، ص109-115.
[10] سفر
الخروج، نقلا عن: المرجع نفسه.
[11] سفر
الخروج، الإصحاح7، النص12. نقلا عن: التلمود، قسم النساء، مرجع سابق، ص111.
[12] سفر
الخروج 22:16. نقلا عن: المرجع نفسه، ص109.
[13] مجهول
المؤلف، مكانة المرأة في شريعة اليهود، 4/2/2012م، مدونة همس الجواري، http://mrx540.blogspot.com/2012/02/12-12.html
[14] المرجع
نفسه، ص119.
[15] المرجع
نفسه، ص38.
[16] المرجع
نفسه، ص125.
[19] شرائع
الزواج، المجلس اليهودي الأمريكي، مرجع سابق.
[20] المرجع
نفسه، ص27.
[21] التثنية
25:7-10. نقلا عن: المرجع نفسه، ص33.
[22] المرجع
نفسه، ص37.
[23] المرجع
نفسه، ص70.
[24] عبد الله
الخريجي، مرجع سابق، ص 282.
[25] المرجع
نفسه، ص282.
[26] مدونة همس
الجواري، مرجع سابق.
[27] سفر
التكوين، 6.
[28] البقرة،
35-36.
[29] بسام
أبو عليان، مكانة المرأة في الإسلام.. المساواة بين الرجل والمرأة، مدونة: أمراض
مجتمعية، http://basam79.blogspot.com/2012_11_09_archive.html
[30] مدونة همس
الجواري، مرجع سابق.
[31] عمر أمين
مصالحة، المرأة اليهودية في التلمود، 20/12/2006م، موقع بيتنا، http://www.bettna.com/articals2/showArticlen.ASP?aid=277
[32] مدونة همس
الجواري، مرجع سابق.
[33] مدونة همس
الجواري، مرجع سابق.
[34] المرجع
نفسه، 425.
[35] ترجل:
تسرح وتمشط الشعر.
[36] صحيح
البخاري، 296.
[37] الألباني،
صحيح النسائي، 378.
[38] بتصرف عن:
أميمة أحمد الجلاهمة، المرأة اليهودية في المجتمع الصهيوني، مدونة نوافذ،
10/3/2004م.
[39] التلمود،
القسم السادس (الطهارات)، مرجع سابق، ص430.
[40] المرجع
نفسه، 188.
[41] مواعظ
يحيى بن زكريا (دراشته اد يهيا)، لا تقتربوا بغير المندائيات، نص21. نقلا عن:
المرجع نفسه، ص813.
[42] بتصرف عن:
ملكة زرار يوسف، مرجع سابق، ص75.
[43] مجهول
المؤلف، ما هو مفهوم الزواج في الدين المسيحي؟، موقع النعمة،
http://www.thegrace.com/answers/marrig.htm
[44] مواعظ
يحيى بن زكريا (دراشته اد يهيا)، المرأة النجسة، نص20. نقلا عن: الأناجيل النصوص
الكاملة، مرجع سابق، ص812.
[45] مواعظ
يحيى بن زكريا (دراشته اد يهيا)، لا تقتربوا بغير المندائيات، نص21. نقلا عن:
المرجع نفسه، ص813.
[46] قال
تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً
ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ
بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة:30].
[47] النحل،
72.
[48] الروم،
21.
[49] فاطر، 11.
[50] الشورى،
11.
[51] أبو
داوود، المراسيل، 287.
[52] الحديد،
27.
[53] نص الحديث
كاملا: "جاء ثلاثُ رهطٍ إلى بُيوتِ أزواجِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم،
يَسأَلونَ عن عبادةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فلما أُخبِروا كأنهم
تَقالُّوها، فقالوا: أين نحن منَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؟ قد غفَر اللهُ
له ما تقدَّم من ذَنْبِه وما تأخَّر، قال أحدُهم: أما أنا فإني أُصلِّي الليلَ
أبدًا، وقال آخَرُ: أنا أصومُ الدهرَ ولا أُفطِرُ،
وقال آخَرُ: أنا أعتزِلُ النساءَ فلا أتزوَّجُ أبدًا، فجاء رسولُ اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم فقال: (أنتمُ الذين قلتُم كذا وكذا؟ أما واللهِ إني لأخشاكم
للهِ وأتقاكم له، لكني أصومُ وأُفطِرُ، وأُصلِّي وأرقُدُ، وأتزوَّجُ
النساءَ، فمَن رغِب عن سُنَّتي فليس مني). [صحيح البخاري، 5063].
[54] صحيح
مسلم، 1006.
[55] الألباني،
صحيح الجامع، 2941.
* الباءة: نفقة الزواج.
** وجاء: وقاية.
[56] صحيح البخاري،
5066.
[57] ابن حبان،
المقاصد الحسنة، 198.
تعليقات
إرسال تعليق