1.
الزواج من البكر:
يفضل للشاب الأعزب، الزواج من فتاة
بكر ليس لها خبرة زواج سابقة (أرملة، أو مطلقة)؛ لأن أفكارها عن الزواج وردية..
جميلة.. نقية، لم يكدرها المشكلات الزوجية، فضلًا عن ملاطفتها ومداعبتها لزوجها.
هذا ما بيّنه رسول الله r لجابر بن عبد الله t. "... هل تزوجتَ بكرًا أم ثيِّبًا؟ فقلتُ: تزوجت ثيِّبًا،
فقال: هلا تزوجت بكرًا تلاعبُها وتلاعبُك".
في موضع آخر قال: "عليكُم
بالأبكارِ فإنَّهنَّ أعذَبُ أفواهًا وأنتَقُ أرحامًا وأرضَى باليَسيرِ".
نستنبط من الحديثين مميزات
الزواج من الفتاة البكر:
أ.
البكر
تميل إلى مداعبة زوجها وملاطفته، فهي تحب المرح.
ب. عذوبة فمها، سواء بعذوبة ريقها أو الكلمات
اللطيفة التي ترددها على سمع زوجها المعبرة عن الحب والدفء العاطفي.
ج.
ولودة.
د.
ترضى باليسير
الذي يقدمه لها زوجها من المال والنفقة.
هذا لا يعني التنفير أو عدم
تفضيل الزواج من ثيب، أحيانًا يكون الزواج منها أنفع وأصلح للزوج، مثلما بيّن جابر
بن عبد الله t أن هدفه بتفضيل الثيب على البكر؛ لتعينه على تربية أخواته، ولا تكون زوجته
الصغيرة في السن قريبة من عمر أخواته ويدخلن في شقاق ومشاحنات، لكن الزواج من ثيب
ربما يحرم الشاب من مميزات كثيرة تتمتع بها البكر، فقد تعقد الثيب مقارنات بين
زوجها الأول وزوجها الحالي، وقد تحن للأول، ـ إن كانت لازالت تحبه ومتعلقة به ـ، فتعكر
صفو الزواج الجديد، وربما سوء وعيوب تجربتها الأولى تنعكس على زواجها الحالي
فتكدره، وتبقى متخوفة من تكرارها، وربما كبر سنها أو فشلها في الزواج السابق يجعلها
تزهد في ملاطفة الزوج ومداعبته، والتزين له، والاهتمام بمظهرها، وقد تكون طلقت
لعدم قدرتها على الإنجاب، أو لسوء خلقها، أو عدم رضاها باليسير.
ما قيل بحق الثيب يقال بحق
الرجل صاحب زواج سابق (المعدد، المطلق، الأرمل)، لذلك من الأحسن، والأصلح، والأنفع،
والأجدى للشاب والفتاة أن يتزوج كل منهما ممن ليس له سابق تجربة في الزواج فهو
أدعى إلى توفير أجواء السعادة الزوجية، والمحبة، والدفء العاطفي بينهما.
2.
عدم الإكراه على
الزواج:
في المثل الشعبي يقولون:
"كل شيء بالإكراه إلا الزواج"؛ لأن الزواج ليس علاقة مؤقتة تنقضي بعد
مدة يسيرة من الزمن، ويذهب كل زوج في حاله، إنما هو علاقة مؤبدة، لذلك يجب أن يكون
الزواج مبنيًا على أسس متينة، ومن أولى قواعد البناء المتين: إبداء الرغبة
والموافقة في الزواج دون إكراه أو ضغط، فقد بيّن لنا التوجيه النبوي كيفية التعرف
على موقف الفتاة البكر أو الثيب من المتقدم للزواج قبولًا أو رفضًا. قالت عائشة:
يا رسولَ اللهِ، إن البكرَ تَسْتَحِي؟ قال: رضاها صمتُها".
أما عن الثيب. قال:
"الثَّيِّبُ تُعرِبُ عن نفسِها".
هناك العديد من المواقف التي
حدثت على عهد رسول الله r أقر فيها عدم إكراه الفتاة
على الزواج، منها: خَنساءَ بنتِ خِذامٍ الأنصاريةِ: "أباها زوَّجَها وهي ثَيِّبٌ
فكَرِهَتْ ذلك، فأتَتِ النبيَّ r فرَدَّ نِكاحَها".
وقول عمر بن الخطاب t: "لا تزوجوا بناتكم من الرجل الدميم، فإنه يعجبهن منهم ما
يعجبهم منهن".
بناءً على ما سبق، فإن أغلب ممارسات
الآباء بحق بناتهم فيما يتعلق باختيار شريك الحياة هي عادات جاهلية، ليست من الهدي
الإسلامي في شيء.
لم
توضع فترة الخطبة عبثًا، إنما وضعت ليفهم الخطيبان بعضهما جيدًا، لذلك يفترض ألا
تقضى كلها في المجاملات والمشاعر الزائفة، بل يجب ترك مساحة للنقاش الهادف،
والحوار الجاد حول مستقبل الأسرة بعيدًا عن أحلام اليقظة، وخيال الأفلام
والمسلسلات والروايات.
مما يجب
الاتفاق عليه قبل الزواج:
§ مكان الإقامة: في بيت العائلة أم بيت مستقل؟، في
بيت ملك أم بالإيجار؟
§ كيفية إدارة اقتصاد الأسرة (الإنفاق، والادخار).
§ تعليم الزوجة: إذا كانت طالبة هل سيسمح لها
بإكمال تعليمها، أم لا؟.
§ عمل الزوجة: إذا كانت موظفة، هل سيسمح لها
بالعمل بعد الزواج؟ وإن سمح لها ما هو مصير الراتب الذي تتقاضاه؟.
§ طبيعة العلاقات مع الأقارب، والزيارات وصلة
الرحم.
4.
الرفق في المعاملة
(المرونة):
المرونة
في الحياة الزوجية لا تقاس بمعيار غالب ومغلوب، في كل الأحوال يجب تغليب مصلحة
الأسرة على المصالح الذاتية، فقد حث الله تعالى نبيه محمد r
على معاملة الناس بالرحمة واللين، وبيّن مغبة الغلظة والشدة، قال تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ
كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}.
من
باب أولى أن تكون هذه الرحمة في العلاقة الزوجية.
لقد
بشّر رسول الله المرنين في علاقاتهم الاجتماعية بتحريم أجسادهم على النار، فقال: "ألا
أخبرُكُمْ بمنْ تحرمْ عليهِ النارُ غدًا؟ على كلِّ هينٍ لينٍ قريبٍ سهلٍ".
وجاءت
التوجيهات النبوية لعائشة بأن تعامل الناس برفق وتبتعد عن العنف، مبينًا السبب، فقال:
"إنَّ اللهَ رفيقٌ يحبُّ الرِّفقَ، ويُعطي على الرِّفقِ ما لا يُعطي على
العنفِ".
في
موضع آخر قدّم لها درسًا جديدًا حتى مع أشد الناس خصومة (اليهود)، فقد "أتَوُا
النبيَّ r فقالوا:
السامُ عليك، قال: (وعليكم). فقالتْ عائشَةُ: السامُ عليكم، ولعَنَكمُ اللهُ،
وغضِبَ عليكم. فقال رسولُ اللهِ r:
مَهلًا يا عائشَةُ، عليكِ بالرِّفقِ، وإياكِ والعُنفَ، أو الفُحشَ. قالتْ: أولم
تسمَعْ ما قالوا؟ قال: أو لم تسمعي ما قلتُ، ردَدْتُ عليهم، فيُستَجابُ لي فيهم،
ولا يُستَجابُ لهم فيَّ.
كما
بيّن أن المعاملة بالرفق واللين بين أفراد الأسرة من علامات
الخيرية التي أرادها الله لأهل البيت، قال لعائشة: "ارْفُقِى؛ فإنَّ اللهَ
إذا أرادَ بأهلِ بيتٍ خيرًا أدخلَ عليهِمُ الرِّفقُ".
في
المقابل من لم يكن في قلبه حظًا من الرفق فقد حرم خيرًا كثيرًا، قال r:
"من حُرِم الرِّفقُ حُرِم الخيرَ".
قدم
رسول الله r بشرى
سارة، ومكافئة عظيمة للزوجات إذا توفرت فيهن أربع صفات. اثنتان ذات بعد تعبدي،
هما: (أداء الصلوات المكتوبة على وقتهن، وصيام رمضان)، واثنتان ذات بعد أسري، هما:
(أن تحصِّن نفسها من إقامة علاقة خارج الأسرة، وبر زوجها وطاعته). فقال: "إذا
صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحصنت فرجها، وأطاعت زوجها. قيل لها: ادخلي الجنة
من أي أبواب الجنة شئت".
في موضع آخر من باب ترهيب
الزوجة، قال: "اثنان لا تجاوز صلاتهما رؤوسهما: عبدٌ أبقَ مِن مواليهِ حتَّى
يرجِعَ، وامرأةٌ عصت زوجَها حتَّى ترجِعَ".
وقوله: "لَو كنتُ
آمرًا أحدًا
أن يسجدَ لأحدٍ لأمرتُ النِّساءَ أن يسجُدنَ لأزواجِهِنَّ لما جعلَ اللَّهُ لَهُم
علَيهنَّ منَ الحقِّ".
إذا
كانت الزوجة صالحة، وأتت من بيت صالح سيكون دورها كبيرًا في هداية زوجها وتنشئة أولادها
تنشئة صالحة. الزوجة هي الدرع الآمن والحصن المتين الذي يحافظ على البيت من التصدعات،
كما أنها تسهم في بقاء سحابة السعادة والمودة تحلق في سماء الأسرة. أما إذا ربيت على
الأنانية، وإهمال الأخلاق، وضعف الوازع الديني، والسلوك الإسرافي فإن ذلك يسرّع في
الانهيار الأسري. الواقع الفلسطيني يشهد على حالات كثيرة ساهمت الزوجة في هداية
زوجها وحمايته من الوقوع في مواطن الضلال والانحراف، وكانت مؤتمنة على بيتها في
غياب زوجها، ـ لاسيما الغياب القسري بالإبعاد أو السجن أو الموت ـ، وقد أحسنت
تربية أولادها على موائد الإصلاح والتقوى والإيمان، ويشهد الواقع كذلك على حالات عكس
ذلك، حيث كانت الزوجة معول هدم وساهمت في تدمير أسرتها بسبب جهلها، وضعف الوازع
الديني، وعدم حفظ الأمانة التي أوكلت لها.
الصراحة
مطلوبة دومًا بين الزوجين، ومطلوبة أكثر في فترة الخطبة، وأيام الزواج الأولى. من
البداية يفضل أن يوضح كلًا منهما للآخر ما يحب ويكره.. ما يسعده ويغضبه، هذه
الأمور ترسم الخطوط العامة للحياة الزوجية، بحيث يفهما بعضهما، ويجعل الزوج يتفهم طبيعة
زوجته، ويأخذ في الاعتبار حالتها الانفعالية. أما إن كان الزوج جاهلًا بعيوب
زوجته، ربما تصرف بردة فعل تزيد الطين بله، وتوسع دائرة الخلاف بدلًا من التقارب، كذلك
الزوجة يجب أن تعرف طبائع زوجها. هذا الحديث يبين لنا كيف كان رسول الله r
عارفًا ومتفهمًا لنفسية زوجته عائشة، إذ قال لها: "إني أعرف غضبك إذا غضبت،
ورضاك إذا رضيت. قالت: وكيف تعرف؟ قال: إذا غضبت قلت: يا محمد، وإذا رضيت قلت: يا
رسول الله".
في
روية أخرى: "إذا كنت عني راضيةً، فإنك تقولين: لا، وربِّ محمدٍ! وإذا كنتِ
غضبى، قلت: لا، وربِّ إبراهيمَ! قالت: قلتُ: أجل. واللهِ يا رسولَ اللهِ ما أهجر
إلا اسمك".
ينبغي
للزوجة أن تمنح زوجها قدرًا كبيرًا من الثقة، ولا تشكك في سلوكه وعلاقاته؛ لأن
الشك سلاح فتاك يزعزع ويقوض الاستقرار الأسري. كم من بيت دمّر وتفكك بسبب الشك؟! أغلبها
ظنون ووساوس إبليسية، وشكوك شيطانية لا أساس لها من الصحة. إذا وقعت الزوجة أسيرة
الشك والوسوسة هي الخاسرة على كل الوجوه. وكذلك الزوج إن شكك في زوجته.
شخصية
الزوجة ليست هي شخصية الزوج، وشخصية الزوج ليس هي شخصية الزوجة، لكل منهما شخصيته.
كلاهما جاءا من أسرتين مختلفتين في التنشئة، والخبرة، والثقافة... إلخ، لذلك يجب على
الزوجين مراعاة الفروق الفردية بينهما، فلا تتوقع الزوجة أن يكون زوجها نسخة
كربونية من أبيها أو شقيقها في نظرته للحياة، وتقديره للمواقف، وحالته الاقتصادية،
كذلك الزوج لا يتوقع من زوجته أن تكون كأمه أو أخته.
8. التقبل الزوجي:
مهما
طالت أو قصرت فترة الخطبة، ومهما سعى الخطيبان ليفهم كل منهما الآخر، ستبقى جوانب غامضة
في الشخصية، لا تكتشف إلا بعد الزواج والمعاشرة، ويظللهما سقف بيت واحد. أحيانًا
تكتشف صفات غير مقبولة كمستوى النظافة، والترتيب، وعادات الطعام، ووقت النوم
والاستيقاظ، والعلاقات الاجتماعية... إلخ.
الاختلاف
في الطباع يجب ألا يشكل عقبة على طريق السعادة الزوجية، وضرورة أن يبذل الزوجان جهدهما
لتعديل السلوك غير المرغوب فيه بالتدريج، دون تجريح أو صدام، كما يجب أن يقبل كل
منهما الآخر على ما هو عليه، ولا يبديان علامات التذمر، والتأفف، والنفور. فقابل
الأيام واستمرار العشرة كفيلة بالتغيير. فإذا كانت الزوجة غير راضية عن زوجها على
صعيد تعليمه، ودخله، وأخلاقه، لا يجوز لها مقارنته برجل آخر، ربما يوجد عنده من
المزايا ما لا توجد عند غيره. كذلك الزوج يجب ألا يقارن زوجته بغيرها من النساء،
بل نهى رسول الله r الزوجة
أن تصف امرأة لزوجها؛ حتى لا يرسم لها صورة في مخيلته وتنعكس سلبًا على الحياة
الزوجية، فقال: "لاَ تباشرُ المرأةُ المرأةَ حتَّى تصفَها لزوجِها كأنَّما
ينظرُ إليْها".
وقَالَ
r:
"انْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلاَ تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ
هُوَ فَوْقَكُمْ فَإِنَّهُ أَجْدَرُ أَنْ لاَ تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ
عَلَيْكُم".
بمعنى
لا تقارن الزوجة حالتها بمن أعلى منها في المستوى الاقتصادي، أو المكانة
الاجتماعية، أو الحالة التعليمية...إلخ. بل يجب أن تنظر لمن دونها، حتى تحمد الله
وتشكره على نعمه المغموسة فيها، وتحافظ عليها. وما قيل بحق الزوجة مطلوب من الزوج
أيضًا. "فليرض كل زوج وزوجة بما قسم الله له".
بمعنى
ألا تفتش الزوجة أثناء غياب زوجها أو وقت نومه في ملابسه وأوراقه وممتلكاته الخاصة؛
لأنه مهما بلغت درجة الصراحة بين الزوجين توجد أشياء خاصة لا يحب أن يطلع عليها
أحد سواه، بالتالي العبث في أموره الخاصة يكون لها انعكاسات سلبية على علاقتهما،
قد تؤدي إلى نشوب الخلافات بينهما، وربما ما هو أسوأ من ذلك. كذلك لا يجوز للزوجين
أن يفشيا أسرار البيت لذويهما وأصدقائهما.
10.تجنب الغيرة المرضية:
الغيرة:
"هي انعكاس لحالة من المشاعر والسلوكيات التي تحدث عندما يشعر إنسان بأن علاقته
المتينة بشخص آخر معرضة للتهديد من طرف آخر منافس". البعض عرّفها: "حالة
انفعالية تجمع بين حب التملك والشعور بالغضب".
الغيرة
ملازمة للإنسان مذ وجد على الأرض، ففي المجتمعات القديمة "كان الرجل الغيور يفرض
على زوجته أن تلبس ملابس قذرة، ولا تغسل وجهها؛ لئلا تجذب أنظار الغرباء إليها".
الغيرة
ليست كلها مذمومة. فهي تجمع بين الجانبين الإيجابي، والسلبي. الغيرة الإيجابية
(المعتدلة) مطلوبة، وأشاد بها الإسلام، في الحديث: "إنَّ مِن الغَيرةِ ما
يُحِبُّ اللهُ، ومنها ما يُبغِضُ اللهُ. فأمَّا الغَيرةُ الَّتي يُحِبُّ اللهُ
فالغَيرةُ في اللهِ، وأمَّا الغَيرةُ الَّتي يُبغِضُ اللهُ فالغَيرةُ في غيرِ
اللهِ".
وقوله:
"إنَّ من الغَيرةِ ما يحبُّها اللهُ ومنها ما يُبغضُهُ اللهُ فالَّتي
يُبغضُها اللهُ الغَيرةُ في غيرِ رِيبةٍ".
وقوله:
"إن الله يغار، وإن المؤمن يغار. وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم الله
عليه".
عند
حديثنا عن المرأة نجد الغيرة طبع أصيل فيها. لا توجد امرأة لا تغار. إن كن اللائي
تربين في بيت النبوة لم يسلمن منها، هل ستسلم منها الأخريات؟! نستشهد ببعض المواقف
التي رويت عن زوجات النبي r.
وتعد عائشة رضي الله عنها أشدهن غيرة، كونها البكر الوحيد، والأصغر سنًا بينهن.
الأول:
قالت عائشة: "ما غرت على أحد من نساء النبي r
ما غرت على خديجة، وما رأيتها، وكان كان النبي r
يكثر ذكرها، وربما ذبح الشاة، ثم يقطعها أعضاء، ثم يبعثها في صدائق خديجة...".
الثاني:
قالت عائشة: "استَأْذَنَتْ هالةُ بنتُ خويلدٍ، أختُ خديجةَ، على رسولِ اللهِ r،
فعَرِفَ استئذانَ خديجةَ فارتاعَ لذلك، فقال: اللهم، هالةُ. قالت: فغِرْتُ،
فقُلْتُ: ما تَذْكُرُ مِن عجوزٍ مِن عجائزِ قريشٍ، حمراءَ الشِّدْقَيْنِ[1]، هلَكَتْ
في الدهرِ[2]، قد
أَبْدَلَكَ اللهُ خيرًا منها[3]".
الثالث:
ذكرت عائشة: "كان رسولُ اللهِ r،
إذا خرج، أقرعَ بين نسائِه. فطارت القرعةُ على عائشةَ وحفصةَ. فخرجتا معه جميعًا.
وكان رسولُ اللهِ r، إذا
كان بالليلِ، سار مع عائشةَ، يتحدثُ معها. فقالت حفصةُ لعائشةَ: ألا تركبين
الليلةَ بعيري وأركبَ بعيركِ، فتنظرين وأنظرُ؟ قالت: بلى. فركبت عائشةُ على بعيرِ
حفصةَ. وركبت حفصةُ على بعيرِ عائشةَ. فجاء رسولُ اللهِ rإلى
جملِ عائشةَ، وعليه حفصةُ، فسلَّم ثم سار معها. حتى نزلوا. فافتقدَتْه عائشةُ،
فغارت. فلما نزلوا جعلت تجعلُ رجلها بين الإذخرِ[4]، وتقول: يا
ربِّ سلط عليَّ عقربًا أو حيةً تلدغني. رسولُكَ ولا أستطيعُ أن أقول له
شيئًا".
الغيرة
ليست صفة خاصة بالنساء، بل موجودة عند الرجال أيضا، فمن المواقف التي نقلت عن
الرجال:
الأول:
غيرة عمر بن الخطاب: قال رسول الله r:
"دخلت الجنة فرأيت فيها قصرا من ذهب، فقلت: لمن هذا؟ فقالوا: لرجل من قريش،
فظننت أنه لي فقلت: ومن هو؟ قالوا: عمر بن الخطاب، فأردت أن أدخله فذكرت غيرتك يا أبا
حفص، فبكى عمر، وقال: أما عليك في أغار".
الثاني:
غيرة سعد بن عبادة: "قال سعدُ بنُ عُبادةَ
لو رأيتَ رجلًا مع امرأتي لضربتُه بالسيفِ غير مُصفِحٍ، فبلغ ذلك رسولُ اللهِ r
فقال: تعجبون من غيرةِ سعدٍ، واللهِ لأنا أغيرُ منه، واللهُ أغيرُ مني، ومن أجلِ غيرةِ
اللهِ حرَّمَ الفواحشَ ما ظهر منها وما بطن...".
الرابع:
غيرة علي بن أبي طالب: دخل علي يومًا على زوجته
فاطمة وهي تستاك فنظم أبياتًا شعرية، قال فيها:
حظيت يا عود الأراك بثغرها
|
مـا خفت يا عود الأراك أراكا؟!
|
لـو كنت من أهل القتال قتلتك
|
مـا فاز مني يا سواك.. سواكـا
|
11.مناداة الزوجة بأحب الأسماء إليها، أو تصغير اسمها:
هذه
المهارة اتبعها رسول الله r
في مداعبة عائشة حيث كان يناديها بـ(عائش)، ـ تصغير اسمها ـ. "يا عائشُ هذا
جبريلُ يُقرئُك السلامَ".
12.
المساندة الزوجية:
الزواج السعيد الناجح يقوم على
الشراكة بين الزوجين، ولا يسعى أحدهما لفرض سيطرته على الآخر. بل كلاهما حريص على
الاهتمام بمشاعر الآخر وإسعاده، ويعمل لتخليصه من همومه وضغوطاته. قبل أن يصدر أي
من الزوجين حكمه على الآخر (بالمدح أو الذم) يضع نفسه في مكانه، وينظر كيف سيتصرف
حينها؛ ليلتمس له العذر، ويفهم طبيعة تصرفاته. الزوجان الناجحان يفرحان لفرح
بعضهما، ويحزنان لحزن بعضهما. أي تكون المشاركة الوجدانية في أرقى وأبهى صورها.
فالمشاركة الوجدانية ليست وقت الرخاء والفرح، ثم يكون كفران العشير، وندب الحظ وقت
الشدة والعسر، ـ كما تفعل بعض الزوجات ـ. التصرف الأول ينمّي الحب، بينما الآخر
يقلله وربما يقتله مع مرور المواقف الصادمة.
الزوجة
الصالحة تخفف عن زوجها همومه وأحزانه، وتساعده على حل مشكلاته، ـ لو بالكلمة الطيبة
ـ. لا تزيده كدرًا وحزنًا وهمًا وغمًا. وتهيئ لزوجها جوًا من الراحة والهدوء عند
عودته من العمل، أو وقت نومه. وتفهم نفسية زوجها، ولا تفعل شيئًا يغضبه. هذه خديجة
رضي الله عنها لعبت دورًا مهمًا وعظيمًا في بداية نزول الوحي على رسول الله r،
وكيف كانت له نعم السند والعون، إذا قالت له عندما عاد إلى البيت مرتعدًا وخائفًا:
"واللهِ ما يخزيك اللهُ أبدًا، إنك لتصلُ الرحِمَ، وتحملُ الكلَّ[6]، وتكسبُ
المعدومَ، وتُقري[7]
الضيفَ، وتعينُ على نوائب الحقِّ".
وهذه
أسماء بنت أبو بكر الصديق تعرف عن زوجها أنه رجل غيور، فتقول: "جاءني رجل
فقال: يا أم عبد الله: إني رجل فقير، أردت أن أبيع في ظل دارك. فقالت: إني إن رخصت
لك أبى ذلك الزبير. فتعال فاطلب إلي والزبير شاهد. فجاء فقال: يا أم عبد الله إني
رجل فقير أردت أن أبيع في ظل دارك. فقالت: مالك بالمدينة غير داري؟ فقال لها
الزبير: مالك تمنعي رجلا فقيرا يبيع؟".
للرجال فقط.. حتى تكون زوجًا ناجحًا
بحكم اختصاصي وعملي سمعت
كثيرًا من شكاوى الزوجات الناقمات على أزواجهن، مثل: لا يعاملني باحترام، دائمًا
عابس الوجه ومقطب الجبين، لا يكلمني بهدوء صوته عاليًا ويصرخ، يُسمعني أسوأ
الألفاظ والشتائم والإهانات، دائمًا ينتقدني لا يعجبه أي شيء أعمله، لم أعد أعجبه
ويكثر النظر للأخريات في التلفاز.. الإنترنت.. الشوارع، يتجاهل رغباتي الجسدية، لا
يهتم بمشاعري، يستغل فارق العمر بيننا؛ ليثبت أني لا أفهم شيئًا بالحياة، يعاملني
كخادمة في بيته، يهتم بعمله أكثر مني، لا يُعبر عن حبه لي، دائمًا خارج البيت ولا
يجلس معي، لا يهتم لهمومي، لا يوفر حاجات البيت الأساسية، لا يشركني في قرارات
البيت، لا يساعدني في رعاية الأبناء، يمنعني من زيارة أهلي... إلخ.
السبب الرئيسي لتلك الشكاوى
يعود إلى عدم فهم الزوجان لفلسفة الحياة الزوجية، في هذه المقالة سأوجه حديثي
للرجل فقط؛ حتى يكون زوجًا ناجحًا.
اعلم عزيزي الزوج:
أولًا| الزواج علاقة اجتماعية:
الزواج: هو علاقة بين شخصين
أنت أحد طرفيها، وزوجتك الطرف الآخر. لم تعد لوحدك، لذلك أنت ملزم أن تغير من
معتقداتك وتصرفاتك التي كنت عليها أثناء العزوبية، فهي لم تعد صالحة لما بعد
الزواج، فالتغير ضرورة واجبة؛ لتنجح حياتك الزوجية. لم تعد حرًا في السهر خارج
البيت أو على التلفاز أو الإنترنت لوحدك ساعات طويلة، توجد زوجة يجب أن تشاركها
السهر وتبادلها الحديث، هي بحاجة إلى مَنْ يؤنس وحدتها. كم هو جميل أن تتابعا معًا
برنامجًا تلفزيونيًا أو مسرحية. لم يعد يصلح أن تتناول طعامك لوحدك، شارك زوجتك في
الوجبات الرئيسية. لم يعد يصلح الدخول إلى البيت والخروج منه بدون ضوابط.
ثانيًا| اختلاف رؤية
الرجل والمرأة للعلاقات الاجتماعية:
المرأة بطبيعتها اجتماعية.. لا
تحب العزلة، وإن أحبتها لا تكون لفترة طويلة، فهي تسعى دائمًا لتكوين علاقات
جديدة، كما تحب الحديث، فالأبحاث العلمية أثبتت أن قدرات المرأة اللفظية أكثر من
الرجل، فهي تتحدث ثلاثة أضعافه. يمكنك ملاحظة ذلك دون عناء في وسائل النقل. قد
تجلسان امرأتان في سيارة بجانب بعضهما من (السرايا إلى الجلاء) ليس بينهما سابق
معرفة، فتدخلان في حوار وتندمجان فيه كأنهما تعرفان بعضهما منذ زمن طويل، وقد
ينتهي حوارهما بتحولهما إلى صديقتين، أو تعثران على علاقة قرابة تحتاج إلى شجرة
العائلة؛ حتى تفككها وتستوعبها. بينما الرجال يجلسون بجانب بعضهم ويقطعون مسافة
طويلة من (رفح إلى غزة) لا يحدث أحدهما الآخر إلا لضرورة.
هذا بشكل عام، لو تحدثنا على
الحياة الزوجية، فإن الزوجة رغم كثرة أعمالها الموزعة بين الاهتمام بشؤون الأطفال
والزوج والأعمال البيتية، إلا أن ذلك لا يشغلها عن التواصل مع الآخرين، فهي تتوقع
من زوجها أن يكون شريكها في الاتصال كونها تقيم معه في بيت واحد، وهو أكثر شخص
تتعامل معه في حياتها. بينما الزوج عكس زوجته تمامًا، يميل إلى العزلة إما على
التلفاز، أو القراءة، أو الكمبيوتر. يجد راحته في ذلك، ويعتقد أن الحديث مع زوجته
مضيعة للوقت ولا فائدة منه، فهي تتحدث في موضوعات لا تهمه، أغلب حديثها في موضوعات
(مطبخية) ماذا أطبخ غدًا؟، أو قرأت وصفة لطبخة كذا أو حلويات كذا، أو تتحدث في
موضوعات (نسوية) يغلب عليها الغيبة والنميمة، فلانة خطبت، وفلانة طلقت، وفلانة
اشترت غسالة جديدة...إلخ.
إذا لم يدرك الزوج أهمية
الحديث والعلاقات في حياة زوجته سيصيب علاقتهما خلل، فتتهمه بإهمالها، والتقصير
بحقها، واعتبارها خادمة في بيته، ولا يكافئها بمجرد الجلوس والحديث معها، وربما
تبحث عن بديل آخر تتحدث معه. لذلك اجعل جزءًا من وقتك لزوجتك؛ لتبادلها الحديث،
وتعرف كيف سار يومها، ومشكلاتها، وصحتها، وتربيتها للأولاد، وعلاقتها بأسرتها... إلخ.
أنت بذلك تشبع حاجة عندها، وتشعرها أنك مهتم لأمرها، ويزيد من مقامك عندها.
أثناء حديثك مع زوجتك، اعمل
بالتوجيهات الآتية؛ حتى يكون حديثكما مؤثرًا وفعالًا:
v أنصت لها باهتمام ولا تنشغل بأمور أخرى كاللعب
بالجوال أو مشاهدة التلفاز، فالإنصات الفعال دليل على اهتمامك بما تقوله.
v أومئ برأسك بانضباط ولا تكن كبندول الساعة، هذا
دليل على أنك تفهم ما تقصده من حديثها، أو تؤيد رؤيتها، أو كأنك تخبرها: "أنا
معك..واصلي حديثك".
v أثناء حديثها تمتم ببعض الحروف أو الكلمات التي
تدل على انسجامك بحديثها، مثل: (ممم، أوووه، وااااااو، أهه، أيوة، ياااااا،
الله..الله، رائع!، جيد!، حلو، يا حرام!، فرحت، حزنت...إلخ).
v اسألها؛ لتطل حديثها خاصة إذا كنت غير راغب أو
مقل بالحديث، فدعها تتحدث وأنت استمع. من هذه الأسئلة: (شو صار بعدين؟، معقول؟!،
ليه تصرف هيك؟، اشرحيلي الموقف من أوله، طيب أنت شو رأيك باللي صار؟، لو كنت محلها
كيف ستتصرفي؟...إلخ).
v أشعرها بالرضا عن نفسها وامدحها، كأن تقول لها:
هذا تصرف رائع منك، موقفك هذا دليل على حكمتك ورجاحة عقلك، تصرفك هذا رفع رأسي
وجعلني فخور بك...إلخ).
v إذا تحدثت أنت تحدث بهدوء، وبنبرة صوت واضحة،
ولا تدخل في جدال معها.
ثالثًا| الاعتراف
بالخطأ:
لا يوجد إنسان معصوم من الخطأ،
في الحديث: "كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون". الاعتراف بخطئك،
وعدم إنكاره، وعدم تبريره هو أول خطوة على الطريق الصحيح؛ لتعديله وتحاشيه لاحقًا،
وبمعالجة خطأك أنت أول جانٍ لثماره الطيبة، خذ مثلًا: حين يكون شيئًا عاطلًا في
البيت (مكواه، شباك، باب، صنبور، حذاء...إلخ)، تحاول إصلاحه فتصلحه. يعتريك شعور
الفرح والنجاح، وترضى عن نفسك أنك أنجزت عملًا مفيدًا، وربما تتوقع الثناء من
الآخرين، كذلك علاقتك بزوجتك يعتريها بعض الأعطال التي هي بحاجة لإصلاح، فتتطلب
منك المبادرة لإصلاحها. إن نجحت في إصلاحها أنت أول قاطف لثمارها الطيبة، وإن فشلت
أنت أول مكتوٍ بنارها.
بعض الأزواج يبادر لإصلاح
الأعطال المادية في البيت، ولا يحرك ساكنًا لإصلاح أعطال العلاقة الزوجية فيدعها
تتراكم فوق بعضها، ويعمق الخلافات، مع أن إصلاحها لا يحتاج جهدًا كبيرًا. لذلك
عزيزي الزوج: إذا كنت عابس الوجه ومقطب الجبين ابتسم.. إذا كنت دائم الصراخ ولا
تحاور تحدث بهدوء وناقش.. إذ كنت لا تشارك في تربية الأبناء أعطِ جزءًا من وقتك
للعب معهم، واحرسهم إذا كانت زوجتك مشغولة بأعمال البيت، أوصلهم إلى الروضة أو
المدرسة.. إذا كنت لا تساعدها في أعمال المنزل ساعدها كأن تعد الطعام إذا كانت
متعبة، تنشر الغسيل، نظف الأواني بعد طعامك وشرابك، رتب غرفتك، اكوِ ملابسك
بنفسك...إلخ. دعك من النظرة التقليدية الرجل يعمل خارج المنزل والزوجة داخله. من
أفضل أنت أم نبيك؟! تقول عائشة عنه: "كان بشرًا من البشر: يفلي ثوبه، ويحلب
شاته، ويخدم نفسه".. إذا كنت لا تزور أهلها فزرهم وتودد إليهم.. إذا كنت لا
تجلس معها اجلس معها وبادلها الحديث وتسامرا ومازحها.. إذا كنت لا تغازلها اثنِ
عليها وامدحها، فالمرأة تحب دومًا أن تكون جميلة في عين زوجها، ويمنحها شعور الرضا
عن ذاتها.. إذا كنت تهتم بعملك على حساب بيتك وازن بين التزامات العمل والبيت. قِس
على ذلك الكثير من الأمور.
أجزم إن فعلت ذلك فإنه سيسهم في زيادة رصيد حبك
في قلبها، وتشكرك ماديًا ومعنويًا. (ماديًا): بإعداد ما لذ وطاب من الطعام
والشراب، و(معنويًا): ستغرقك بكلمات الإطراء والثناء والمدح، والابتسامات المشرقة،
وتريح نفسيتك بدلًا من افتعال المشكلات وإسماعك موشحات الغم والهم والنكد، وشكوى
سوء الحال، فهي مبدعة في ذلك، وفن من فنونها، ـ إن قصرت ـ.
اعلم أن النساء لسن سواءً، لسن
كلهن يعبرن عن رفضهن لسلوك الزوج الخاطئ وغضبهن صراحة وباللسان، بل بعضهن يلجأن
لأساليب أخرى، تعطي الزوج إشارات عن عدم الرضا والغضب، لذا كن لمَّاحًا ولا تكن
حمارًا؛ لتتدارك الموقف وتعالجه قبل أن تتفاقم المشكلة. من هذه الأساليب: عابسة
الوجه، صامتة ومقلة في الكلام، تكثر التمتمة والبرطمة، تحاول تحاشي الزوج
والابتعاد عنه، لم تجذب له جسديًا، منفعلة وغاضبة لأتفه الأسباب، تصرخ على أطفالها
وتفرغ غضبها على زوجها بضربهم، تشتم الآخرين لكنها في الحقيقة موجهة للزوج، تبالغ
في التزين على غير العادة، دائمة الجلوس على التلفاز أو مواقع التواصل الاجتماعي
على غير العادة، تأكل وتشرب بشراهة، تخرج من البيت بدعوى الزيارات الاجتماعية،
تقصر في الأعمال المنزلية، لا تدعو زوجها للطعام...إلخ.
عزيزي الزوج:
حتى تخرج من دائرة العذاب
النفسي تلك، إذا كنت مخطئًا بحق زوجتك بادر بالاعتذار إليها، وعبِّر عن ندمك،
وعدها أنك لن تعود ثانية لهذا السلوك، فذلك يزيل شعورها بالظلم، ويداوي جراحها،
ويدغدغ عواطفها، ويجعلها تسامحك، وتبتسم لك، وترفع عنك الحظر الصامت أعلاه.
بعض الأزواج تأخذه العزة
بالإثم، ويعتبر الاعتذار فيه إرغام لأنفه، وإهدار لكرامته. في الحياة الزوجية لا
مجال لهذه الشعارات البراقة والعنترية، الزواج يقوم على الشراكة، وتقديم بعض
التنازلات من هنا وهناك؛ حتى تسير مركبة الحياة الزوجية إلى بر الأمان، واعلم أن
الاعتذار ليس له وقت محدد، قد يكون بعد برهة من الخطأ، أو ساعة، أو نصف يوم، أو
يوم، أو أسبوع. في الحديث: "لا يحق لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث"، هذا
فيما يخص العلاقات الاجتماعية العامة، فهو من باب أولى بحق الأزواج؛ لأنه كلما
طالت مدة عدم الاعتذار زاد رصيد الأخطاء، وتعمقت المشكلات، وأخذت حجمًا أكبر من
حجمها، وأبعادًا أخرى ليست في الحسبان.
ليس بالضرورة أن يكون الاعتذار
بقول كلمة: (آسف..أعتذر)، قد يكون بأشكال أخرى، كأن تعتذر خطيًا بكتابة كلمات
رومانسية على ورقة وتضعها طاولة الطعام أو تعلقها على الثلاجة، أو تحضر هدية
وترفقها بكلمات عن الحب، قدم لها باقة ورد، أو إذا كانت طلبت منك أن تشترِ لها
شيئًا وكنت تماطل به، استغل الفرصة واشتريه لها كعربون محبة وتصالح...إلخ.
رابعًا| تحمَّل تبعات
تصرفاتك مع زوجتك:
في الغالب تصرف زوجتك معك
انعكاس لطبيعة تصرفك معها، فإن عاملتها بسوء ستعاملك بسوء ولن تدع منغصة إلا
وتأتيها؛ لتنغص حياتك وتكدر صفوك وتعكر مزاجك، لكن لو كان سلوكك طيبًا لن تدع
جميلة إلا وتأتيها؛ لتوفر لك سبل الراحة والعيش الآمن. نوضح بمثال: لو كنت سيئًا
معها ستجدها خاصمتك ولم تحدثك، وإن حدثتك يكون كلامها قاسيًا أو جافًا لا يعبر
البتة عن الود والرضا، أو لا تعد طعامك بشكل جيد كالمعتاد، إنما تعده كواجب ورفعًا
للعتب، أو تنام مبكرة على غير عادتها ولا تود السهر معك، أو تتجنب الجلوس
بجانبك...إلخ. لكن لو كنت جيدًا معها ستجد تصرفاتها كالآتي: دائمة التبسم، كلامها
حلو طيب، تعبر عن حبها وإعجابها بك وتقديرها لك، وتناديك بأحب الأسماء إليك، وربما
تصغر اسمك (اسم الدلع)، وتعد لك ما لذ وطاب من الطعام والشراب، وتوفر لك جوًا من
الراحة وقت القيلولة فتأخذ الأطفال عنك...إلخ.
خامسًا| احتواء غضب
زوجتك:
حين تنفجر زوجتك غاضبة، هي في
الحقيقة تخبرك عن تصرف خاطئ أو تقصير قمت به، لكنها تخبرك به بطريقة الغضب والتجهم
بدلًا من الحوار والحديث الهادئ، لذلك عندما تراها غاضبة راجع نفسك؛ لتعرف أين
أخطأت؟ وأين قصَّرت؟.
أفضل طريقة لاحتواء غضب زوجتك:
اتركها تفرغ طاقتها السلبية؛ لتتخلص من شحنة الغضب الكامنة بداخلها؛ حتى تهدأ
وتخمد نارها. اضبط نفسك واحرص، ـ قدر الإمكان ـ، ألا ترد على كل كلمة تقولها، أو
تدفع كل اتهام توجهه لك، فهي تسعى لاستفزازك وتجعلك تستشيط غضبًا كما أغضبتها،
فالزوجة وقت الغضب ربما تذكر لك مواقف سيئة صغيرة منذ الخطبة، ـ رغم أنك اعتذرت
عنها مرات عديدة ـ، فلا تلاحقها على كل كلمة تقولها، وإلا لن تطوَ صفحة المشكلة
أبدًا، وربما تمتد لمشكلات أكبر وأعقد. كذلك لا تتركها وتتجاهلها وهي تتكلم، فهي
تعتبر ذلك إهانة لها، بعد خمود ثورتها اعتذر لها عن خطئك أو تقصيرك، وعدها ألا
تعود ثانية.
قد يعتبر البعض أن هذه مثالية
مبالغ فيها، ومن منا يستطيع ضبط نفسه وهو يسمع الاتهامات وربما الشتائم؟ أقول إن
لم تضبط نفسك، ودخلت في موجة غضب مقابلة لغضبها، تذكَّر أربعة أمور: أولًا: أن
يكون غضبك في محله ومسيطرًا عليه. ثانيًا: حافظ على حدود العلاقة الطيبة مع زوجتك
ولا تتمادى في التلفظ بألفاظ سيئة ومهينة. ثالثًا: ألا يصاحب غضبك أي شكل من أشكال
العنف الجسدي، مثل: (الضرب، شد الشعر، الركل بالأرجل، العض، القرص...إلخ). أخيرًا:
اعلم أن المرأة تختلف عن الرجل وقت الغضب، فهي لا تستطيع أن تمرر الموقف كأن شيئًا
لم يكن، فتجدها غضبانة، أو حزينة، أو تتمتم وتبرطم، أو تصرخ إن لم يكن عليك فعلى
أولادك، بينما الرجل يتصرف كأن شيئًا لم يكن وتسير أموره بشكل اعتيادي. فتظن أنك
لا تهتم لها ولا تقدر أمرها.
سابعًا| أشبع حاجات
زوجتك العاطفية:
حين تعامل زوجتك بلطف، أنت
بذلك تعزز ثقتها بنفسها، وتزرع فيها الرضا الداخلي عن ذاتها، وتقوي طاقتها
الإيجابية، لذلك أسمعها دومًا الكلام الطيب، مثلًا: (من رضا ربي علي أن كنت زوجتي،
أنت أجمل امرأة، ما تذوقت طعامًا ألذ من طعامك، لديك ذوق في اختيار الملابس وتناسق
الألوان، من حسن حظ أولادي أن لهم أمًا مثلك ترعى حاجاتهم وتهتم بدراستهم)، وحين
تغير شيئًا في شخصيتها أو البيت لا تنسى مدحها، كأن تقول: (تسريحة شعرك رائعة
وتناسب وجهك، عطرك الجديد رائحته جذابة، ديكور البيت الجديد أضفى على البيت
سعة...إلخ)، فإن لم يعجبك شيئًا قامت به، خذ هذه الوصفة؛ لتقبل نقدك بصدر رحب
وبدون تذمر، القاعدة تقول: "امدح، ثم انتقد"، أي امدح زوجتك واشكرها على
جهدها، ثم انتقد السلوك الذي لا ترغبه؛ لأنك حين تمدحها لا تقلل من قيمة جهدها
المبذول، ونقدك لمصلحتها؛ لأنك تريد رؤيتها أفضل فتتقبله، لكن لو بدأت حديثك بنقد
لاذع وهجوم حاد، فلن تقبل نقدك، وربما تهاجمك، وإن كانت تعلم في داخلها صحة كلامك
ووجاهة نقدك. مثلًا: لم يعجبك ديكور البيت الجديد. قل لها: أعلم حبيبتي كم تبذلي
جهدًا؛ ليكون بيتنا جميلًا كجمالك، (لكن) لو كان هذا (الغرض) هناك لكان المكان
أجمل، ما رأيك؟ ستجدها مباشرة وبدون مناقشة تؤيد كلامك، وتوافقك الرأي. بذلك حققت
ما تريد ودون الدخول في جدل.
إذا أخبرتك أنها قامت بعمل ما،
لا تقل لها: هذا واجبك وأنت ملزمة به، هل تريديني أن أصفق لك؟. هي تعلم أنه من
واجباتها وملزمة به، لكنها تريد معرفة رأيك أو مجاملتها. مثلًا: لو قالت: أعددت لك
السمك الذي اشتريته. فلا تقل لها: أعرف أني اشتريت السمك، هل اشتراه ابن الجيران؟
وأنا اشتريته لنأكله هل اشتريته لتضعيه في الثلاجة؟ وهل تتوقعي أن تعده أمي؟! هي
في الحقيقة تريد: أن تشكرها، كأن تقول: مذ دخلت البيت شممت رائحته الأخاذة، تذوق
منه قليلًا، وقل: ممممممممم، ألذ سمك تذوقته بحياتي. أنت بذلك تجعلها تثق في نفسها
وعملها، وتبذل جهدًا أكبر في المرات القادمة ليكن طعامها ألذ، وتعطيها شعورًا
إيجابيًا ورضًا عن ذاتها. فلا تبخل عليها بالكلام الطيب، ولا تنسى في ديننا:
الكلمة الطيبة صدقة.
ثامنًا| التقييم
الذاتي والتغذية الراجعة:
لمَّا تكونا في لحظة انسجام
وهدوء اطلب منها أن تكتب لك الصفات الإيجابية التي تحبها فيك، والصفات السلبية
التي تبغضها وتتمنى أن تتخلص منها. لمَّا تعد القائمة خذها واقرأها بصوت عالٍ، ثم
أكد لها الاستمرار في الصفات الإيجابية، وستبذل جهدك للتخلص من السلبيات. إن بادرت
بذلك حقًا، ستجد أثر ذلك في تصرفاتها، قد تحسنت علاقتها، وصارت أفضل مما كانت
عليه، وقليلة الشكوى.
اعلم أن التخلص من الصفات
السلبية ليس أمرًا هينًا، فهو يحتاج لجهد وإرادة ومثابرة، واحرص أن يكون التغيير
نابعًا من ذاتك ومقتنع به، وإلا لن تنجح محاولتك في التغيير.
عندما تطلب زوجتك تغيير أو
تعديل بعض سلوكياتك السلبية والخاطئة، احذر العناد، ولا تردد بعض العبارات التي
يكررها كثير من الأزواج فتعمق الخلافات الأسرية، منها:
v لست بحاجة للتغيير، هي من يجب أن يتغير، سأتغير
عندما تتغير هي.
v مهما حاولت لن أتغير في نظرها، وإن تغيرت لا
تكتفي بذلك، بل تطلب المزيد.
v لا يمكنني أن أتغير، أنا هكذا منذ سنوات، بل قبل
أن أعرفها. ستأتي هي وتتحكم في شخصيتي وتصرفاتي وتغيرني على طريقتها؟!
تاسعًا| اهتم بمظهرك
الخارجي ورائحتك الطيبة:
كل زوج يرغب رؤية زوجته جميلة
وفي أبهى صورة في حياتها عمومًا، وعند الجماع خصوصًا. في المقابل بعض الأزواج يهمل
هذه المسألة ولا يعطيها الاهتمام ذاته! يقول ابن عباس: "إني لأتزين لامرأتي
كما تتزين لي". إذا كنت مهتمًا بنظافتك وأناقتك ستهتم هي بنظافتها وأناقتها،
وإن كنت مهملًا ستهمل.
كتبت إحدى الزوجات في مذكراتها
عن معاناتها مع زوجها: "يخرج يوميًا من البيت مبكرًا ويعود مساءً، فيذهب إلى
حجرة النوم مباشرة دون أن يكلمنا، فيرمي نفسه على السرير فيغط في النوم دون أن
يغتسل ويبدل ملابسه. بقي على حالته تلك لمدة شهر". تخيل كيف سيكون شكله
ورائحته؟ بل تخيل العذاب النفسي الذي تعيشه تلك الزوجة، وتخيَّل ردة فعلها حين
تكون زوجها مدخنًا، أو يعرق، أو أكل بصلًا أو ثومًا...إلخ، إنها ستنفر منه. مثلما
يشكو الزوج من رائحة البصل، والثوم، والزيت التي تفوح من زوجته، فهي الأخرى تشكو
من رائحة عرقه، وسجائره.
عاشرًا| تخلص من
الإدمان على العادات السيئة:
الإدمان: "هو علاقة قوية
لا تقبل معها علاقة أخرى". فإدمان الزوج على مشاهدة مباريات كرة القدم، أو السهر،
أو العمل... إلخ، هذا يعني أنها مقدمة على العلاقة الزوجية، وزوجتك في درجة أدنى.
لذلك أنت مطالب بالتوازن في سائر شؤون حياتك، بين متطلبات الحياة الزوجية،
والوظيفية، والترفيه، ولا تكون واحدة على حساب الأخرى؛ حتى لا تحدث خللًا في
حياتك. في الحديث: "إن لنفسك عليك حقًا، ولربك عليك حقًا، ولضيفك عليك حقًا،
وإن لأهلك عليك حقًا، فأعط كل ذي حق حقه".
[1] حمراء
الشدقين: أي ساقطة الأسنان، ولم يبق إلا اللثة.
[2] هلكت في
الدهر: كبيرة في العمر.
[3] تقصد
نفسها.
[4] نبات له
رائحة طيبة، وفي سيقانه شوك، وتتجمع عنده الهوام والعقارب.
[5] الحميراء:
تصغير الحمراء، أو شديدة البياض.
[6] الكَل:
العاجز.
[7] تقري:
تكرم.
تعليقات
إرسال تعليق