![]() |
مدرس المساق| أ. بسام أبو عليان محاضر بقسم علم الاجتماع ـ جامعة الأقصى |
علاقة
علم الاجتماع السياسي بالعلوم الأخرى
أولًا|
علاقة علم الاجتماع السياسي بعلم الاجتماع:
لا يخلو أي مجتمع من السياسة، فالسياسة
هي سياسة أفراد يعيشون في
مجتمع ما، مقسم إلى حكام ومحكومين، ولا يمكن لعالم الاجتماع إلا أن يكون له علاقة
بالسياسة، فمن الصعب أن يعزل عالم الاجتماع نفسه عن السياسة، فقال ريمون آرون: "عالم
الاجتماع يصبح سياسيًا، وإن لم يشأ ذلك". من هذه المنطلق تعرضت الدعوة
للالتزام بالموضوعية في العلوم الاجتماعية للنقد؛ نظرًا للتداخل بين الواقع
الاجتماعي، وانعكاس الواقع الاجتماعي
على الفكر. فالسياسة شيء لا بد منه؛ لأن الناس كما قال ابن خلدون: "لا ينتظمون في الاجتماع المدني ولا
يخضعون إلى القوانين إلا بوجود وازع يزع بعضهم عن بعض"، وأكد أرسطو هذا
التوجه حين قال: "الإنسان حيوان سياسي بطبعه".
يعرَّف علم الاجتماع بأنه: "علم
يسعى إلى أكبر قدر ممكن من التعميم فيما يخص
الجوانب الوظيفية والبنيوية للمجتمع". إذا كان علم الاجتماع يهتم بدراسة المجتمع بكل مكوناته، فمن
الطبيعي أن يدخل في حيز اهتمامه دراسة الظواهر السياسية في سياقها الاجتماعي.
يعتبر ابن خلدون الذي أول من اجتهد لتأسيس
علم اجتماع فأسماه (علم العمران البشري)، تحدث فيه عن الأسرة، والعصبية القبلية، والبداوة، والحضر،
والأخلاق، والدين، والسياسة، والدولة... إلخ. أما هربرت سبنسر، فكان أكثر دقة في
تحديد موضوعات علم الاجتماع، حيث كتب
في مؤلفه "أسس علم الاجتماع": "يتعين على علم
الاجتماع أن يصف كيفية ظهور الأجيال المتتابعة من الوحدات المدروسة ونموها وأعدادها للتعاون، لذلك يأتي
موضوع تطور الأسرة في المقام الأول...، ثم يتعين على علم
الاجتماع أن يصف نشأة وتطور التنظيم السياسي الذي ينظم شؤون المجتمع...،
كما يتعين عليه أن يصف تطور الأبنية الكنسية ووظائفها...، ونسق الروابط الذي ينظم الأفعال
الأصغر، كما يجب أن يدرس المراحل التي مر بها القطاع الصناعي
في المجتمع...". يلاحظ من المجال الذي حدده سبنسر لعلم الاجتماع أنه يستوعب عدة مجالات هي اليوم من
اختصاص علوم اجتماعية أخرى، كعلم السياسة،
والاقتصاد، وعلم الاجتماع الديني... إلخ. ويعتبر دوركايم من أهم من أشار إلى ضرورة وضع حدود بين علم الاجتماع
والعلوم الاجتماعية الأخرى، فقد بين أهمية قيام فروع لعلم الاجتماع؛ لأن علم الاجتماع غير قادر لوحده على الدراسة
الشاملة للواقع الاجتماعي، واقترح إطارًا عاما
لهذه الفروع، وهو:
1. علم الاجتماع العام.
2. علم الاجتماع القانوني والأخلاقي،
يتفرع إلى: التنظيم السياسي، الزواج والأسرة، التنظيم الاجتماعي، علم الاجتماع
الجنائي.
3. علم الاجتماع الاقتصادي.
4. علم الاجتماع الجمالي.
5. علم الاجتماع الديني.
6. الديموغرافيا.
وقد رأى غاستون بوتول أن علم الاجتماع
السياسي غصن تفرع عن جذع علم الاجتماع العام،
يحلل الأنظمة، ويوضح علاقتها مع الظواهر الاجتماعية الأخرى.
ثانيًا|
علاقة علم الاجتماع السياسي بالسياسة:
علماء السياسة الذين اجتمعوا في
اليونسكو سنة1948؛ لوضع تعريف لعلم السياسة وتحديد موضوعاته، ولم يتطرقوا إلى علم
الاجتماع السياسي بل أدرجوه
ضمن اهتمامات علم السياسة، من ناحية أخرى فإن تعقد البناء الاجتماعي
وتداخل ما هو سياسي مع ما هو اقتصادي، أو ديني، أو إيديولوجي، أو قانوني يجعل التمييز بين هذه الأنساق أمر
صعب.
تذهب غالبية تعريفات سياسة إلى ربطها
بنظام الحكم، أو
علاقة الحاكم بالمحكومين، فالسياسة لا تكون إلا في مجتمعات بشرية تقاد من قبل هيئة
سياسية، تصدر قوانين ملزمة للأفراد، وتمارس عليهم الضغط والإكراه،
فلا يمكن تصور سياسة بدون سلطة سياسية، ولا يمكن تصور سلطة سياسية بدون ممارسة
التسلط.
حتى منتصف القرن العشرين لم يكن هناك
دقة في استعمال مصطلح
علم السياسة، وتداخله مع العلوم السياسية الأخرى، حيث كانت تنقسم العلوم السياسية
إلى: (المذهب السياسي، التاريخ
السياسي، علم الاجتماع السياسي، علم القانون)، إلا أن منظمة اليونسكو
سعت لإعطاء علم السياسة مكانته، وكلفت مجموعة من علماء السياسة لوضع
مؤلف حول علم السياسة، وتحديد موضوعاته. بالفعل تم وضع مؤلف مشترك تحت عنوان
"علم السياسة المعاصر"
سنة1950، وتم اعتماد عبارة "علم السياسة" بدلًا من عبارة "العلوم
السياسية"، وأوصت اللجنة بتدريس هذا العلم في الجامعات، وحددت موضوعات هذا
العلم على النحو الآتي:
1. النظرية السياسية: وتضم: تاريخ الأفكار
السياسية.
2. المؤسسات السياسية: تضم: الدستور،
الحكومة المركزية،
الحكومة الإقليمية والمحلية، الإدارة العامة، وظائف الحكومة الاقتصادية
والاجتماعية، المؤسسات السياسية المقارنة.
3. الأحزاب والفئات والرأي العام: تضم: الأحزاب السياسية، مشاركة
المواطن في الحكومة
والإدارة، الرأي العام.
4. العلاقات الدولية: تضم: السياسة الدولية،
التنظيمات الدولية، القانون الدولي.
تعريف اليونسكو لعلم السياسة أدمج ضمن اهتمامات علم
الاجتماع السياسي،
فقد اعتبر بعض علماء السياسة علم الاجتماع السياسي جزء من تخصصهم، وفرع من فروع علم
السياسة الذي يتناول العلاقات بين النسق السياسي
والأنساق الاجتماعية الأخرى، فعلم الاجتماع السياسي يهتم بأسباب التعددية الإيديولوجية
والسياسية، وآثار التغير الاجتماعي على النظم السياسية،
والبحث في مشروعية الأنظمة السياسية، ودور الرموز الدينية والتاريخية والثورية في
حياة المجتمعات، والخلفية الاجتماعية للسلوك الانتخابي،
والانتماء الحزبي، والأسباب الاجتماعية للثورة والانقلاب... إلخ.
يرى موريس ديفرجيه أنه لا تعارض بين
علم السياسة وعلم الاجتماع السياسي، ويقول بوتومور: من المستحيل إقامة أي تمييز نظري هام بين علم الاجتماع
السياسي وعلم السياسة. لكن علماء المدرسة
التقليدية في علم السياسة غير مرتاحين لظهور علم الاجتماع السياسي؛ لأنهم يشعرون بأنه يهمش علمهم، ويضعف
نظرياتهم وتحليلاتهم التقليدية للشأن السياسي،
لكن هذا التداخل بين هذين العلمين ليس بالضرورة يؤدى لتغليب أحدهم على الآخر، بل
يمكن أن تؤدي لبلورة مجالات تخصص كل منهم.
الفكر
السياسي في الحضارات القديمة:
أولًا|
الحضارة الفرعونية:
عرفت
مصر في العهد الفرعوني الحكم المركزي.. الفردي.. المطلق.. المقدس، فالسلطة كلها
اجتمعت بيد الفرعون أي الإله، الإله (رع) إله الشمس، فمصر يحكمها إله واحد.. في إقليم
واحد.. يقيم فيها شعب واحد.. ويوجد بها نهر واحد.. يحكمه حاكم واحد.. بسلطة واحدة تساعد
الإله، ممثلة في جهاز حكومي بيروقراطي على درجة عالية من التنظيم والتعقيد، مهمته
إدارة الحكومة.
على
الفرعون واجب إقامة الحق وإقرار العدل بين الناس، في المقابل على الناس طاعة الفرعون،
لكن لا يوجد ما يلزم الفرعون بأداء واجباته تجاه شعبه، فالسلطة التي يتمتع بها
سلطة دينية تحرره من الالتزام بأي شيء تجاه الناس، كونه خليفة الإله على الأرض، وهذا
يؤهله أن يكون حاكمًا مستبدًا، يضيق مساحة الحرية الفردية الممنوحة للناس.
ثانيًا|
الفكر السياسي في حضارة العراق القديمة:
في
الفترة السومرية قام التنظيم السياسي على أساس التحالف والاندماج بين المدن التي
كانت قائمة وقتئذ، وبعد انهيار الحضارة السومرية قامت الحضارة البابلية، حيث أنه
في عهد حمورابي عاشت العراق أزهى عصورها، وهكذا توالت الحضارات في العراق، تقوم
واحدة على أنقاض أخرى.
لحاكم
العراق القديمة قدسية دينية استمدها من المظاهر الآتية:
أ.
الحاكم
من اختيار الإله، أي الحاكم ينفذ إرادة الله على الأرض.
ب. مراسم تتويج الحاكم ذات طابع ديني مقدس.
ج.
التشريعات
والقوانين مصدرها الإله، والحاكم مكلف بالإعلان عنها، وحث الناس على تطبيقها.
عرفت
حضارة العراق القديمة الديمقراطية، لكن في شكل بدائي، حيث يوجد في مملكة السماء
مجلس أعلى للآلهة، يتمتع بصلاحيات دينية ودنيوية، مهمته اختيار إله قائد للمجلس
الأعلى، ويتمتع هذا القائد بسلطة مطلقة، ويختار إنسان على الأرض خليفة له، يتمتع
بسلطة مطلقة على الناس، كونه يحكم باسم الإله.
ثالثًا|
الفكر السياسي في الحضارة الفارسية:
تميز
المجتمع الفارسي بوحدة مرجعياته الثقافية واللغوية، مما ساعد على تحقيق الوحدة
السياسية، وإقامة حكم مركزي موحد، اعتمد على أجهزة حكم بيروقراطية، وجيش قوي، كما
تميز البناء الفكري للمجتمع الفارسي بغلبة الطابع الديني، فآمنت الفارسية بإله
واحد رئيس.
رابعًا|
الفكر السياسي في الحضارة الصينية القديمة:
1) كونفوشيوس:
أرجع
كونفوشيوس غياب الوحدة والنظام في مجتمعه لانحلال الأوضاع الاجتماعية، وللخروج من
حالة الانحلال هذه يجب أن يلتزم كل فرد بموقعه الاجتماعي، ويفعل ما يتطلبه المركز
الاجتماعي، ولا يتدخل أحد بصلاحيات ومتطلبات المركز الآخر.
2) منشيوس:
يعد
منشيوس هو المعلم الثاني بعد كونفوشيوس، وقد وضع برنامجًا سياسيًا بمضمون
ديمقراطي، يقوم على المبادئ الآتية:
¬ المساواة بين الناس.
¬ الشعب أهم عناصر الدولة، والحاكم أقل عناصر
الدولة أهمية.
¬ وجدت الحكومة من أجل خدمة الشعب، وليس العكس.
¬ الشعب شريك في تقرير شؤون الثواب والعقاب، وليس
ذلك حكرًا على الموظفين الرسميين.
¬ علاقة الحاكم بالمحكوم تبادلية.
¬ للشعب حق الثورة على الحاكم إذا تصدعت العلاقة
بينهما، [أي إذا فقدت شرعية الحاكم].
¬ الحاكم يدير البلاد بتفويض ديني، لكن ينتهي تفويضه
إذا أساء السياسة.
¬ إذا أخل الحاكم بواجباته تجاه شعبه يصبح غير
صالح.
مجالات
علم الاجتماع السياسي:
1. دراسة
السلوك الانتخابي.
2. دراسة
القوة الاقتصادية وعلاقتها بصنع القرار السياسي.
3. دراسة
أيديولوجيات الحركات السياسية، وجماعات الضغط (المصالح).
4. دراسة
المنظمات التطوعية.
5. دراسة
الجانب السيكولوجي للسلوك السياسي.
6. دراسة
الحكومة، ومشكلات البيروقراطية.
7. الدراسة
المقارنة للنظم السياسية.
8. تحليل
نشأت النظم والظواهر السياسية، وعلاقتها بالظواهر الاجتماعية الأخرى.
9. دراسة
الرأي العام.
10.
تفسير الاختيارات
السياسية في المجتمع.
11.
دراسة العلاقة بين
البناء الفكري، والطبقات الاجتماعية، والأنظمة السياسية.
12.
دراسة التنشئة
السياسية.
13.
دراسة الوعي السياسي.
14.
دراسة التنمية
السياسية.
15.
دراسة الصفوة والنخبة.
16.
دراسة الحريات
والأقليات.
17.
دراسة السياسة الدولية
والنظام العالم الجديد.
أهداف
علم الاجتماع السياسي:
1.
التوصل
إلى القوانين التي تحلل وتفسر الظواهر السياسية بطريقة علمية.
2.
استخدام
المنهج العلمي في دراسة الظواهر السياسية، واستخدام أدوات جمع المعلومات المتبعة
في علم الاجتماع العام.
3.
التركيز
على دراسة العمليات السياسية من حيث البناء والوظيفة.
4.
دراسة
العلاقة بين النسق السياسي وبقية الأنساق الاجتماعية.
5. دراسة التغيرات التي تلحق بالنظم والمؤسسات
السياسية، مثل دراسة تغير السلطة السياسية، ووظائف الأحزاب، والتمثيل السياسي.
6.
دراسة
الأيديولوجيات السياسية والتغيرات التي تطرأ عليها.
7.
دراسة
قضايا التنمية والتنشئة والثقافة السياسية.
التعرف على مكونات النظم السياسية في كل مرحلة
تاريخية.
تعليقات
إرسال تعليق