![]() |
| مدرس المساق أ. بسام أبو عليان |
ماهية علم الاجتماع السياسي
الأفكار
السياسية التي تصدر عن أي مفكر سياسي هي انعكاس للظروف (الذاتية، والموضوعية) التي
عاشها من جهة، والأنظمة السياسية التي عاصرها من جهة أخرى، حيث تؤكد على مدى تفاعل
عقل المفكر مع مجتمعه. من هنا تأتي أهمية أن يكون التحليل السياسي في إطار النظام
السياسي، مع الأخذ في الاعتبار أن النظم السياسية ليست واحدة، بل موزعة بين نظم: (ديمقراطية،
وديكتاتورية، وأوليجاركية ـ حكم الأقلية ـ، وأوتوقراطية ـ الحكم بيد شخص واحد ـ، وملكية،
وجمهورية، ورئاسية، وبرلمانية... إلخ).
تعريف النظام السياسي:
"مجموعة
قواعد وأجهزة مترابطة ببعضها، التي تبيّن نظام الحكم، ووسائل ممارسة السلطة، وتحدد
عناصر القوة التي تسيطر على الجماعة، وكيفية تفاعلها مع بعضها، والدور الذي
تؤديه".
تعريف علم الاجتماع السياسي:
"أحد
فروع علم الاجتماع العام، يدرس الظواهر السياسية في الدولة من وجهة نظر مجتمعية
وإمبريقية علمية".
تعريف
آخر: "هو العلم الذي يدرس الظواهر، والنظم السياسية في إطار البناء الاجتماعي
والثقافي".
نشأت وتطور علم الاجتماع السياسي:
لا
يوجد إجماع بين العلماء على الجذور التاريخية لعلم الاجتماع السياسي، حيث يرجعه
البعض إلى الفلسفة اليونانية (أفلاطون، وأرسطو)، وبعضهم يرجعه إلى عصر النهضة، وبعضهم
يرجعه إلى عهد ابن خلدون، إلا أن الدارس لعلم الاجتماع السياسي يجد أن الثورة
الفرنسية كانت عاملًا مهمًا في ظهور نمط جديد من التفكير السياسي، وظهور حركات
الإصلاح الديني، والثورة الصناعية، التي أثرت في إعادة تشكيل المجتمع الأوربي، ما
أدى إلى التركيز على مؤسسات الدولة، ـ التي هي جوهر اهتمام علم الاجتماع السياسي ـ،
ترتب على ذلك ظهور مفاهيم سياسية جديدة، مثل: (الانتخابات، والأحزاب السياسية، والبيروقراطية،
والمجتمع المدني، والرأي العام... إلخ).
الرواد الأوائل لعلم الاجتماع السياسي:
1)
أفلاطون:
على
الرغم من أن أفلاطون كان مثاليًا في حديثه عن المدينة الفاضلة، إلا أنه نظر إلى الظاهرة
السياسية من زاوية مجتمعية، فقد اهتم بدراسة العوامل الاجتماعية التي تؤثر على
السياسة والحكم، كما اهتم بدور الأسرة والتعليم في التنشئة السياسية، وله ثلاث
مؤلفات متصلة بالفلسفة السياسية، هي: (الجمهورية، والسياسي، والقوانين).
يرى أفلاطون
أن الفيلسوف هو الذي يناط به حكم الدولة، ويجب أن يخضع لتدريبات مكثفة، ومتواصلة.
تبدأ باختيار أفراد تتوفر فيهم صفات: (الذكاء، والصحة، والنمو السليم، وتعلم
القراءة والكتابة، والحساب، والموسيقى، والتربية الرياضية)، بعد اجتيازها بنجاح
يخضع للدراسات العسكرية، ثم العلوم الرياضية البحتة، ثم دراسة الفلسفة في مرحلة
النضج. في كل مرحلة من المراحل السابقة يستبعد الراسبين.
2) ابن خلدون:
لم تكن مقدمة ابن خلدون مجرد
سرد لأحداث تاريخية، بل كان يشير لأبعادها الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية. وقد
أطلق على هذا العلم اسم: (علم العمران البشري)، تناول موضوعين يهمان علم الاجتماع
السياسي، هما:
أ.
العصبية:
تعصب الناس لبعضهم البعض، وهي ترادف مفهوم (الهوية) في وقتنا.
ب. صعود، وأفول الدولة: حدد
ابن خلدون عمر الدولة في مائة وعشرين عامًا، وتمر في ثلاث مراحل، كل مرحلة يقدر
عمرها بأربعين عامًا. في المرحلة الأولى تكون العصبية في أوج قوتها. في المرحلة
الثانية تخف حدة البداوة وخشونتها، ويتحول الناس إلى المدنية، والترف، وتفكك
الجماعة، وظهور النزعة الفردية. في المرحلة الثالثة ينفصل الأفراد عن العصبية،
فتتهاون الدولة، وتضعف.
3) ميكافيللي:
وضع
ميكافيللي أفكاره في كتاب (الأمير)، سعى من خلاله لاستقلال السياسة عن الأخلاق، فهو
يعد من الذين ساهموا في وضع أسس علم الاجتماع السياسي، لاسيما نظرته الواقعية
للظاهرة السياسية، ووضع أسس نظرية الصفوة. رفع شعار: "الغاية تبرر
الوسيلة". الذي قصد به: "إذا كان غاية الحاكم البقاء في السلطة، وتطويع
المحكومين له، يجوز له استخدام كل السبل المعينة على ذلك". وهذا يعني غياب
القيم الاجتماعية، والأخلاقية في الممارسة السياسية.
4) كارل ماركس:
يعتقد
ماركس أن الصراع بين طبقتي (الرأسمالية، والبروليتاريا) هو أساس التغير الاجتماعي؛
لأنه ينقل المجتمع من مرحلة حضارية إلى أخرى، كالانتقال من عصر العبودية إلى
الإقطاع، ومنه إلى الرأسمالية، كما درس الثورة الاجتماعية، وركز على دورها في تحرير
الإنسان من الظلم الاجتماعي، واهتم بالدفاع عن مصالح العمال، وحدد الظروف التي
تجعلهم يثورون على النظام الرأسمالي ويطيحون به، بأن الرأسمالية تستغل العمال
لصالحها، وتستعبدهم، وتجعلهم في فقر مدقع، مما يؤدي إلى زيادة أعداد الفقراء، وقلة
الملاك. هذه الظروف تسهم في زيادة الوعي والنضج السياسي عند العمال، وتنظم صفوفهم،
وتجعلهم يحملون الفكر الاشتراكي، ويناضلون حتى الوصول إلى السلطة، عندها تقوم
ديكتاتورية العمال، ـ التي تعمل على تدعيم الملكية الجماعية ـ، فتقضي على صور
الاغتراب، وتحقق الديمقراطية.
مجالات علم الاجتماع السياسي:
1. دراسة
السلوك الانتخابي.
2. دراسة
القوة الاقتصادية وعلاقتها بصنع القرار السياسي.
3. دراسة
أيديولوجيات الحركات السياسية، وجماعات الضغط (المصالح).
4. دراسة
المنظمات التطوعية.
5. دراسة
الجانب السيكولوجي للسلوك السياسي.
6. دراسة
الحكومة، ومشكلات البيروقراطية.
7. الدراسة
المقارنة للنظم السياسية.
8. تحليل
نشأت النظم والظواهر السياسية، وعلاقتها بالظواهر الاجتماعية الأخرى.
9. دراسة
الرأي العام.
10.
تفسير الاختيارات
السياسية في المجتمع.
11.
دراسة العلاقة بين
البناء الفكري، والطبقات الاجتماعية، والأنظمة السياسية.
12.
دراسة التنشئة
السياسية.
13.
دراسة الوعي السياسي.
14.
دراسة التنمية
السياسية.
15.
دراسة الصفوة والنخبة.
16.
دراسة الحريات
والأقليات.
17.
دراسة السياسة الدولية
والنظام العالم الجديد.
أهداف علم الاجتماع السياسي:
1. التوصل إلى القوانين التي تحلل وتفسر الظواهر
السياسية بطريقة علمية.
2. استخدام المنهج العلمي في دراسة الظواهر
السياسية، وكذلك استخدام طرق وأدوات جمع المعلومات السوسيولوجية المتبعة في علم
الاجتماع العام.
3. التركيز على دراسة العمليات السياسية من حيث
البناء والوظيفة.
4. دراسة العلاقة بين النسق السياسي وبقية الأنساق
الاجتماعية.
5. دراسة التغيرات التي تلحق بالنظم والمؤسسات
السياسية. مثل دراسة تغير السلطة السياسية، ووظائف الأحزاب، والتمثيل السياسي.
6. دراسة الأيديولوجيات السياسية والتغيرات التي
تطرأ عليها.
7. دراسة قضايا التنمية والتنشئة والثقافة
السياسية.
8. التعرف على مكونات النظم السياسية في كل مرحلة
تاريخية.
بتصرف عن: مولود زايد الطيب، علم الاجتماع السياسي، ط1، منشورات جامعة السابع من أبريل، الزاوية، 2007، ص8-30.

تعليقات
إرسال تعليق