مدرس المساق أ. بسام أبو عليان |
تعريف
مناهج البحث:
"هي
القواعد التي يسترشد بها الباحث عند القيام بالبحث العلمي، وتشتمل على تحديد
إشكالية البحث، والمناهج المتبعة، وأدوات جمع البيانات، ومجالات البحث".
تعريف
المنهج العلمي:
"نسق
من القواعد، والإجراءات الواضحة التي يستند عليها الباحث للوصول إلى نتائج
علمية".
الجدير
بالذكر، قواعد البحث العلمي ليست جامدة ومنغلقة، بل تتطور وتتغير بحسب الحاجة.
مناهج
البحث التقليدية في علم الاجتماع السياسي:
1. المنهج الفلسفي (المعياري):
ارتبطت
العلوم السياسية بالمنهج الفلسفي قبل منتصف القرن العشرين، حيث كانت تفسر الظواهر
من منظور فلسفي، إلا أنه بعد انتقاد هذا المنهج، اتجهت لتبني مناهج أكثر واقعية
وعلمية، من هؤلاء العلماء: (ديفيد أستون) الذي ركز على المناهج الاجتماعية ذات
الطابع التحليلي؛ بهدف وضع نظرية سياسية إمبريقية واقعية. رغم ذلك لازالت بعض
التحليلات السياسية تحمل صبغة فلسفية.
2. المنهج التاريخي:
الهدف
من المنهج التاريخي التوصل إلى القوانين التي تفسر تطور الظواهر السياسية التي
وقعت في الماضي، والاستفادة منها في تحليل الظواهر السياسية المعاصرة.
يعد
ابن خلدون أبرز من استخدموا المنهج التاريخي في دراسة الظواهر السياسية، وطالب
بإعادة كتابة التاريخ؛ لتنقيته من الأكاذيب، والتفسيرات غير المنطقية للأحداث، وقد
وظفه عند دراسته لموضوعات: (نظام الحكم، والعصبية، ونشوء وانهيار الدولة... إلخ).
تطور المنهج فيما بعد عندما استخدمه العديد من العلماء مثل: (هيجل، وتوماس هوبز،
وهربرت سبنسر، وجون لوك، وسان سيمون، وأوجست كونت، وكارل ماركس... إلخ).
3. المنهج المقارن:
يستخدم
المنهج المقارن عند المقارنة بين ظاهرتين أو أكثر بهدف التعرف على أوجه الشبه
والاختلاف بينهما. وله عدة صور منها:
أ. المقارنة
الزمنية:
مقارنة الظاهرة الواحدة في أكثر من حقبة زمنية، كالمقارنة بين المشاركة الشعبية في
الانتخابات الفلسطينية في عامي (1996، 2005م).
ب. المقارنة
المكانية:
مقارنة الظاهرة بين مجتمعين مختلفين، كمقارنة ظاهرة التعددية السياسية في
المجتمعين الفلسطيني، واللبناني.
ج. مقارنة
اثنوجرافية (تكوينية): مقارنة التغيرات التي تطرأ على الظاهرة،
كالمقارنة بين أساليب المقاومة الفلسطينية من الحجر حتى الصواريخ.
د. مقارنة
إحصائية:
المقارنة بين الأرقام والإحصائيات المتعلقة بالظاهرة، كالمقارنة بين نسب المشاركة
السياسية بين إحصائية حالية وأخرى سابقة. من فوائده: يقلل من نسبة التأثيرات
الشخصية، وزيادة الموضوعية.
الجدير
بالذكر، أنه يجوز للباحث استخدام أكثر من صورة من صور المقارنة في دراسة واحدة.
4. المسح الاجتماعي:
يعد
المسح الاجتماعي من الدراسات الوصفية التي تعتمد على جمع البيانات حول الظاهرة؛
بهدف تحديد الظاهرة، والتعرف على جوانب قوتها وضعفها التي طرأت عليها. يكثر
استخدامه في علم الاجتماع السياسي عند دراسة الرأي العام، وقياس اتجاهات الناخبين،
والاتصال السياسي.
المجالات
التي يستخدم فيها المسح الاجتماعي:
v
دراسة البيئة
الاجتماعية، والسياسية، والاقتصادية للجماعات القومية، والمحلية، مثل: الجماعات
المؤثرة في العملية السياسية، والطبقة الاجتماعية، والدخل.
v
دراسة وجوه النشاطات
المختلفة لأفراد المجتمع، مثل: قضاء وقت الفراغ، والكتب والمجلات التي تقرأ،
والأحزاب التي ينتمون لها.
v
دراسة آراء الناس
واتجاهاتهم وسلوكهم السياسي.
المداخل
السوسيولوجية الحديثة في علم الاجتماع السياسي:
1. التحليل الوظيفي:
يرتبط
مفهوم الوظيفة الاجتماعية بمفهوم البناء الاجتماعي.
v
البناء الاجتماعي: "مجموعة
من العلاقات الاجتماعية المتباينة التي تتكامل من خلال الأدوار الاجتماعية، أي
يتكون من أجزاء تشكل الكل الاجتماعي، فهي تشمل الجماعات، والرموز، وما نتج عنها من
أدوار".
v
الوظيفة الاجتماعية: "الدور
الاجتماعي الذي يسهم به الجزء للحفاظ على الكل".
استخدم
مفهوم التحليل الوظيفي من جانب المفكرين السياسيين، مثل: (جون لوك، ومونتسكيو)،
واستخدم للفصل بين وظائف السلطات الثلاث: (التشريعية، والتنفيذية، والقضائية)،
وتحديد حقوق وواجبات كل من الحاكم والمحكومين. في الدراسات الانثروبولوجية استخدم؛
لتحليل طبيعة النظم الاجتماعية، ـ منها النظام السياسي ـ، ويبحث في الخلل الوظيفي
الذي يحدث بين (البناء، والوظيفة)، فأي تغير يحدث في النسق السياسي يؤثر على
الأنساق الاجتماعية الأخرى، أو العكس.
تعد
إسهامات بارسونز نقطة الانطلاق في التحليل الوظيفي، من بعده جاءت تحليلات العلماء
التي اهتمت بالنظام، والظواهر، والمشكلات السياسية. ميز بارسونز بين أربع وظائف
للنظام السياسي، هي:
أ. كل نظام يتكيف مع
البيئة المحيطة به.
ب. كل
نظام يتبع أهدافاً خاصة به.
ج. كل
نظام يحرص على ضرورة دمج أعضائه؛ لتحقيق التضامن الداخلي.
د.
كل نظام يضع مجموعة من
المعايير التي تسعى لتحقيق أهدافه.
بتطبيق الكلام السابق على النظام
السياسي؛ حتى يحافظ على استمراره واستقراره، مطلوب: تحديد دور المؤسسات ذات
الكفاءة العالية التي تسعى لتحقيق المتطلبات الوظيفية، كدراسة المؤسسات السياسية،
لتأمين الوظائف السياسية، وإرضاء الحاجات الضرورية لنظم الحكم والسلطة والجماهير.
2. المدخل السلوكي:
تعود
البدايات الأولى لاستخدام المدخل السلوكي في أوائل القرن العشرين، وظف في دراسات
علم الاجتماع السياسي في الربع الأخير من نفس القرن.
اعتمد
المدخل السلوكي على تحليل سلوك الأفراد والجماعات كمدخل للتحليل السياسي؛ لأن
السلوك تعبير واضح وملاحَظ. ويمكن التمييز بين نوعين من السلوك:
v
السلوك الظاهر: يمكن
ملاحظته وتسجيله.
v
السلوك المستتر: يصعب
على الآخرين ملاحظته؛ لأنه يشتمل على الأفكار والمشاعر.
السلوك السياسي يتضمن تصرفات
الأفراد والجماعات، وردود أفعالهم المتعلقة بشؤون الحكم، ووحدة الدراسة قد تكون:
(الدولة، الأحزاب، السلوك الفردي، السلوك الجمعي، وكيفية التعامل مع النظم
السياسية).
3. التبادلية السلوكية:
ظهر
مفهوم التبادلية السلوكية على يد: (جورج هومانز)، وتطور على يد: (بيتر بلاو)، هدفه
التخلص من سلبيات التحليل الوظيفي الذي يدعم الاستقرار والتوازن، ويستبعد فكرة
التغيير، ولا يعتمد على التفسير السببي، أي لم يوضح أسباب وجود الأنظمة
الاجتماعية، ولا أسباب التساند، والتكامل، والاعتماد المتبادل بين مكونات النسق.
تستخدم
التبادلية السلوكية مفهومين أساسيين، هما: (التكلفة، والعائد)، أي الأفراد يسلكون
الاتجاه الذي يحقق لهم عائدًا ونفعًا كبيرًا وتكاليف أقل.
القضية
الأساسية للمدخل السلوكي تقوم على أن تفاعل الفرد مع الجماعة أو المجتمع هو
استجابة لمثيرات ومواقف مختلفة في ضوء تقديره لمصلحته التي تعود عليه جراء ممارسة
هذا النشا،. فإن أشبع حاجته في الماضي نتيجة استجابته لمثير معين، فإنه يتوقع أن
يستجيب له في مواقف مشابهة، فإن تعاظمت الردود زادت احتمالات الإقبال على النشاط،
للحصول على المكافئة التي يتأملها.
المواضع
التي يوظف فيها المدخل السلوكي:
1. الشرعية
التي تحصل عليها الحكومات، هي نتيجة مباشرة لما يتوقعه الأفراد من العلاقة
التبادلية مع الدولة.
2. تباين
القوة الذي يتسم به البناء الحكومي يرجع إلى قدر المكافئات التي يستطيع أن يقدمها
أعضاء هذا البناء إلى المواطنين.
3. يساعد
في تفسير الاتجاهات السلوكية السياسية المواطنين، وهو ما يعبر عنه بالثقافة
السياسية.
4. يفيد
في تفسير إقبال بعض الجماعات على العمل السياسي، وإحجام الأخرى.
5. يفيد
في فهم سلوك الصفوة السياسية، والحكام من حيث مركزية السلطة أو عدمها.
بتصرف عن: مولود زايد الطيب، علم الاجتماع السياسي، ط1، منشورات جامعة السابع من أبريل، الزاوية، 2007، ص55-69.
تعليقات
إرسال تعليق